أسرار الصوفية ومملكة الدراويش فى مصر

معركة طريفة حدثت بينى وبين بعض أهل قريتى منذ سنوات طويلة خلال أولى سنوات الجامعة .. حيث تعود بعض من كبار السن التوجه إلى المسجد القريب من منزلنا قبل صلاة الفجر بأكثر من ساعة .. ولما كان ميكروفون المسجد مشاع للكل فقد تعودوا على قيامهم بفتح الراديو على محطة القرآن الكريم فور وصولهم المسجد وتشغيل الصوت الخارجى للميكرفون معه .. وكان الميكروفون موضوع فوق مكان عالى جدا من المسجد مما كان يعمل على وصول صوت الميكروفون إلى كل أنحاء القرية الواسعة فى الثانية من صباح كل يوم وحتى حوالى السادسة صباحا بلا إنقطاع . ولما كان أهل القرية يخشون الإعتراض على ما يحدث بإعتبار أن كل مسلم لا يمكنه أن ينفر من سماع صوت القرآن فى أى وقت فلم يجازف أحد بالإعتراض على ما يحدث .. ولكننى فعلت حيث توجهت إلى المسجد وأغلقت الميكروفون وأعلنت إعتراضى على ما يحدث باعتباره إساءة بالغة لإستخدام القرآن .. وإزعاج للمرضى والطلاب الذين يستذكرون دروسهم وللناس أثناء نومهم .. وتجمع المئات من اهل القرية بالمسجد وصرخ الكثيرون فى وجهى وصاحوا : ـ كيف تعترض على قرآن ربنا ؟فحاولت أن أؤكد لهم أن الإعتراض ليس على القرآن وإنما على إساءة إستخدامه .. وأن الله جعل لنا الليل لنرتاح فيه . وإندهشت لأن المسجد إمتلا عن آخره بسرعة وبشكل لم أكن أتخيله واتضح أننى لم أنتبه للميكروفون المفتوح والذى ظننت أننى قد أغلقته من قبل وسمع أهل القرية كل الحوار الساخن بينى وبين الذين يقوموا بفتح ميكرفون المسجد طوال الليل وسمعوا هذه المعركة عبر الميكروفون تماما مثلما حدث فى فيلم الكيت كات حيث سمع أهل الحارة الحوارات الدائرة بين مجموعة من العميان والمساطيل عبر ميكروفون سرادق العزاء والذى لم يكن أحد منهم ينتبه لأنه يعمل . تذكرت هذه الحادثة وأنا أسال نفسى فى حيرة عن سبب إحتلال الطرق الصوفية كل مساجد مصر فى الإحتفالات والمناسبات الدينية دون أن يناقش أحد أفكارها وأورادها .. وأحزابها ؟ وما هو السبب الذى يدفعها إلى الإحتفال بمناسبات مثل المولد النبوى بهذه الطريقة وبشكل واحد تقريبا على مستوى الجمهورية ؟وكيف يردد مريدوها أورادا لاتمت للدين بصلة ؟ وكيف أساسا يتم إقرار مثل هذه الطرق ولا يناقش أحد أفكارها ؟وقد أتتنى الإجابة فى شكل منشورات عثرت عليها صادرة من المجلس الأعلى للطرق الصوفية والتى تم توزيعها على بعض الجهات الرسمية .. وبعضها عبارة عن تعليمات موجهة إلى مشايخ ووكلاء الطرق الصوفية والتى توضح كيف يتم الإحتفال بهذه المناسبات ؟ وكيف يتم تنظيمها فى مختلف أنحاء مصر ؟ وقد رأيت أن أنشر صورة طبق الأصل من بعضها .. وعلى القارئ أن يستنتج مايدور فى الكواليس .. وقبل أن أترك القارئ لتصفح هذه المنشورات أود التنويه هنا إلى أن هناك قانونا يخول لمشيخة الطرق الصوفية بالتحكم فى كل شئ خاص بهذه الإحتفالات دون أن يحاول شيخ الأزهر وأولياء أمر مؤسساتنا الدينية إذاعة أونقد ما يحدث داخل هذه المساجد ؟ ودون أن نسمع نقدا واحدا لما يردده الصوفيون فى هذه المناسبات من أوراد ..وربما يرجع السبب إلى نفس السبب الذى دفع أهل قريتى إلى عدم تسجيل إعتراضهم على إذاعة القرآن عبر ميكروفونات المساجد ولمدة خمس ساعات متواصلة فجر كل يوم ..وإليكم عدد من النشرات الصادرة عن المجلس الأعلى للطرق الصوفية والذى يكشف الستار عما يدور هناك ... فى الخفاء مع ملاحظة أن هذه الأوراق التى إستعنت بها يعود تاريخها لسنوات سابقة ... تلك السنوات التى بدأت فيها فى رصد الظاهرة والتجهيز للكتاب ويتولى رئاسة الطرق الصوفية شخصيات غير الموجودة حاليا ... ******السيد / .......السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد .أتشرف بأن أرسل لسيادتكم رفق هذه النشرة الدورية الصادرة لوكلاء المشيخة العامة بأنحاء الجمهورية للإحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف لما لهذه الذكرى الإسلامية الغالية فى نفوس المسلمين تكريما لسيدنا رسول الله صلى عليه وسلم .وبهذه المناسبة الكريمة نرجو سيادتكم التصريح بمسيرة صوفية المعتاد سيرها بهذه المناسبة الكريمة تمكينا لأبناء الطرق الصوفية وأبناء الشعب من المشاركة نحو التعبير عن فرحتهم وإبتهاجهم بهذه الذكرى الشريفة .أعادها الله عليكم باليمن والبركاتوتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الإحتراموالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهالأمين العام شيخ مشايخ الطرق الصوفية عبدالحميد عبداللطيف حسن محمد سعيد الشناوى ******برنامج الإحتفال بالمولد النبوى الشريف لعام 1423هــ لقد رخصت وزارة الداخلية الإحتفال بالمولد النبوى الشريف وتسير المواكب الصوفية بالمحافظات والمراكز والبنادر والأقاليم حسبما هو متبع سنويا وسيكون احتفال المشيخة العامة للطرق الصوفية والسادة المشايخ بالذكرى الشريفة بالسرادقات التى ستقام بميدان مولانا الإمام الحسين وسير الموكب الصوفى المعتاد سيره بهذه المناسبة الكريمة بمدينة القاهرة بعد صلاة عصر يوم 12 ربيع أول سنة 1423هـ حيث تصل المسيرة قبل صلاة المرب بالمسجد الحسينى رضى الله عنه حيث يلقى سماحة شيخ المشايخ القصة الشريفة بمشيئة الله وتوفيقه .ـ تقرر أن تكون المواكب الصوفية التقليدية بالمحافظات والبنادر والأقسام والمراكز والقوى بعد صلاة العصر من يوم 11 ربيع أول سنة 1423هـ وينبغى على السادة الوكلاء كل فى منطقته الإتصال بالسادة المحافظين ومديرى الأمن ومأمورى المراكز والأقسام لوضع الترتيبات الخاصة بالإحتفال وسير المواكب الصوفية كما ينبغى على السادة الوكلاء العناية التامة بالإشراف على الإحتفال وعلى المواكب والمسيرات من جميع الوجوه مع مراعاة خلوها من كل ماهو مناف للتقاليد والقواعد الصوفية واحكام الشرع الشريف ونوجه النظر إلى تذليل كل خلاف أو نزاع قد ينشأ أو يحتدم فى ترتيب سير المواكب وتعقيبها وذلك فى حدود القاعدة المعمول بها (حكم القديم على قدمه) وللسادة الوكلاء الحق فى إلغاء أية مسيرة إذا فشلت الجهود الرامية إلى تسوية النزاع او إذا ترتب على ذلك الإساءة إلى السمعة الصوفية أو مقتضيات الأمن .ـ يتعين تطبيق نصوص القانون رقم 118 لسنة 1976الخاص بنظم الطرق الصوفية ولائحته التنفيذية بالنسبة لمجالس الذكر والمواكب الصوفية .وختاما أرجو أن يتقدم إلينا كل منكم عقب الإنتهاء من الإحتفال بالمولد النبوى الشريف مباشرة بتقرير مفصل عن مجهوداته ومدى نجاحه وما تم فيه الأمين العام شيخ مشايخ الطرق الصوفية******مبادئ وتعليمات هامة للعمل والإلتزام بهاأولا فى مجال الذكر : ـ الذكر هو ذكر الله سبحانه وتعالى تحميده وتمجيده وذكر إسمائه الحسنى على أكمل حال من الخشوع والوقار والنطق بالأسماء الحسنى يجب أن يكون تام الحروف مستكملة اللفظ على ما ورد فى القرآن الكريم .ـ لا تعقد مجالس الذكر فى غير الأماكن الصالحة للعبادة ويجب على الذاكرين بالمساجد أن يحافظوا على النظام حين الدخول بأى مسجد للذكر وحين الخروج منه وحرصا على حرمة بيوت الله وآداب الذكر .ـ لا تعقد مجالس الذكر فى مكان عام إلا بحضور خليفة مجاز من شيخ طريقة مقرر رسميا حتى يحفظ مجالس الذكر من الأمور المنافية للأداب الشرعية والتعاليم الصوفية .ـ ممنوع منعا كليا البدع التى ترتكب خلال الذكر من قرع الطبوع وضرب الجسم بالسلاح وأكل الحشرات واستعمال الالآت الممنوعة وغير ذلك من البدع المدسوسة على الصوفية والتى لا تتفق مع الشرع الشريف .ـ يجب على الذاكر فى مجالس الذكر أن يكون نقى الجسم نظيف الثوب ويمنع منعا كليا وجود النساء فى حلقات الذكر أو بالقرب منها .ثانيا : الموالد والمواكب العامة :ـ لا يحتفل بسير موكب صوفى دون إذن صريح من مشيخة الطرق الصوفية أو السادة وكلاء المشيخة العامة فى الجهات ويشترط عدم سير المواكب الصوفية إلا فى المناسبات الدينية أو الوطنية بها رسميا .ـ يتبع موكب كل طريقة شعارها الدال عليها من الشعارات والإعلام ويمنع منعا كليا السير فى المواكب بهيئة منافية للآداب الشرعية كارتداء الأزياء الغربية سواء على الرأس أو الجسد إلى غير ذلك ـ الموالد والمواكب مقصورة على ذكر الله والصلاة على نبيه الكريم وقراءة الأحزاب والأوراد صحيحة واضحة على أتم حال من الكمال والوقار والوعظ والإرشاد فلا يضرب خلال سير الموكب طبل ولا يقرع دف ولا ينفخ فى ناى ولا يضرب جسم بسلاح ولا تستعمل الآلات الممنوعة ولا تحمل الهوام وعلى الخلفاء والنقباء أن يراقبوا الموكب وأن يحافظوا على سيره بحيث يكون على أتم حال من الكمال والترتيب والنظام الشرعى .ـ إذا حصل خلاف على العقب فى الموكب من المواكب فتطبق القاعدة الصادر بها قرار المجلس الصوفى الأعل فى أكتوبر سنة 1943 وهى :( .... المتبع قديما بين رجال الطرق الصوفية فيما يختص بسير المواكب فى القرى والمدن ( أن القديم على قدمه ) .... ) بمعنى أن الطريقة التى أعقبت من قديم تستمد ما دام لها وجود فى القرية أو المدينة أما إذا أريد تسير موكب حديث يسير فيه رجال الطرق الصوفية فى المدينة أو القرية التى لم يسبق ان سار بها موكب للطرق فالطريقة التى تعقب هى أقدم طريقة حلت بالقرية أو المدينة ثم يليها التى حلت بعدها وهكذا .ـ أما إذا أراد رجال طريقة من الطرق أن يحدثوا موكبا فى مولد أو خلافة وساروا به فإذا ما أرادت طريقة أخرى الإشتراك معها فى السير فتكون الطريقة التى أحدثت الموكب هى صاحبة العقب هذا والا عرضت كل مسألة على حدة على هيئة المجلس الأعلى للطرق الصوفية لإصدار قرار بشأنها .الجزاء على مخالفة هذه القواعد :تقضى المادة 54 من الباب الرابع من القانون رقم 118 لسنة 1976 الخاص بنظام الطرق الصوفية ببنودها الثلاث : ـ أن يبعد من الطرق الصوفية كل من يخالف شيئا من هذه التعليمات .ـ يجرى عليه ما تقتضيه تلك المخالفة من العقوبات المعروضة من الإنذار والوقف والعزل والطرد مع الإعلان .*******إنتهت حفنة المنشورات التى وصلتنى ـ مصادفة ـ من مشيخة عموم الطرق الصوفية .. هذه المشيخة التى وعلى الرغم من أن مقرها موجود فى عطفة داخل شارع ضيق جدا فى شارع أم الغلام بالحسين .. ولا يتجاوز مساحته 40 مترا مربعا إلا أنها تتحكم فى علاقة ملايين الأفراد بالله .. وتحتكر شكل الإحتفالات الدينية وتنظمها بمعرفتها . وتضع لها القواعد كما يشاء حفنة أفراد تم وضعهم على قمة هذه المشيخة لاعتبارات قرابتهم أولا بآل البيت .. ولا أدرى كيف يثبت هؤلاء صلتهم بآل البيت ؟ وبأى طريقة مهما كانت دقة النسب لأن الشك يتنتابنى كثيرا إزاء هذه العملية من الأصل .. وليس أدل على ذلك من صلة النسب التى تمتد لآل البيت والتى تمنحها بعض الجهات الدينية لبعض الشخصيات ..لا لأنهم بالفعل يمتد نسبهم إلى آل البيت وإنما لأن مراكزهم تسمح لهم بأن يمتد هذا النسب إلى ما يشاء هؤلاء الصوفيون تبعا لمصلحتهم الدينية . وقد رأينا بعض نقباء الأشراف فى مصر يتقيأون الخطب العصماء على موائد السلاطين والتى تمجد وتعظم فى شأنهم .. ووصل الأمر بأحدهم أنه بكى وهو يتحدث عن أمجاد واحد من الشيوخ المعاصرين .. وفى نهاية اللقاء وعلى مرأى منى ولحظة السيئ تقاضى نظير هذا البكاء على المنصة التى كان يجلس عليها أمام عدسات التليفزيون التى كانت تصور سيادته وهو يبكى ويتأوه . ومشايخ الطرق الصوفية الموضوعون على رأس المجلس الأعلى للطرق الصوفية معهم قانون يخول لهم التحكم فى الساحة .. ويتحكمون فى مملكة الدراويش فى مصر .. ويتحكمون فى علاقة البشر بالله وكأن الله يحتاج إلى مشيخة صوفية تنظم علاقة البشر به .. والمنشورات التى توزعها مشيخة عموم الطرق الصوفية التى تحتكر سوق الصوفية تبدو كأنها تدافع عن الإسلام الحق .. لكن العكس هو الصحيح بل إنها تهدد وتتوعد وتخيف وترهب كل من تسول له نفسه الخروج عن تعاليم شيوخها ..والسطور التى تصدرت أحد المنشورات السابقة خير دليل على ذلك حيث إن قيادة المشيخة حثت الجماعات الصوفية على السمو بذكرى المولد النبوى الشريف مؤكدين أنهم يستمدون أصول العلاقة مع الله سبحانه وتعالى من القرآن والسنة وهو بلا شك كلام طيب .. ويكذب أى أباطيل قد يروجها دعى يتصدى لهم .. لكنهم فى ذات الوقت يخولون لمشايخهم بالمحافظات ومندوبيهم إلغاء أى إحتفال دينى فى أى مناسبة إذا حدثت أى إساءة للطرق الصوفية . وهذه الإساءة متروك تقديرها وتحديد نوعها لهؤلاء المندوبين .. وأعتقد أن هؤلاء المندوبين يعتبرون أى تصد لممارسات هؤلاء الدراويش إساءة لهم وبالتالى لابد أن يصدر قرار سلطانى بإلغاء أى إحتفال دينى لا يمجد فيهم وفى نسبهم المزعوم لآل البيت .. ومن حق المشيخة إياها إبلاغ السلطات المعنية بهذه المخالفة والقانون فى صفهم فى هذه الحالة ..والأدهى من ذلك أن هؤلاء المندوبين لا تتوفر فيهم أى مواصفات للحكم على مدى صحة أو خطأ أى أفكار تطرح للإحتفالات الدينية ..وكل مؤهلاتهم أنهم آمنوا وأستسلموا لمشايخ الطرق الصوفية .والاغرب من ذلك أنهم يصدرون القرارات السلطانية والتى تعلن التصدى لأى إحتفال دينى أو مجالس ذكر مالم يكن خليفة مجاز من شيخ طريقة موجودا .. وكان الله لن يقبل الذكر إلا بواسطة هذا الخليفة ..وعلى الرغم من أن مشيخة الطرق الصوفية تحث على منع البدع والمنكرات وضرب الطبول والجسم بالسلاح فى الإحتفالات الدينية وموكل إليها منع هذه البدع إلا أن الكثير من الطرق تمارس كل البدع والمنكرات كما يحدث فى إحتفالات الطريقة الرفاعية . وعلى مرأى ومسمع من الجميع دون أن تتصدى لها أى جهة . ورغم كل ذلك إلا أن غالبية علماء الإسلام إتفقوا على أن كافة الطقوس التى تمارس فى المولد النبوى الشريف لاتمت للشرع بصلة وحتى لاننحاز لبعض المفكريين دون البعض الآخر فإننى سوف أكتفى برأى واحد منهم وهو الشيخ ابن عثيمين ـ رحمة الله ـ والذى علق على مسألة الإحتفال بالمولد النبوى الشريف بقوله : أن ليلة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ليست معلومة على الوجه القطعى بل أن بعض العصريين حقق أنها ليلة التاسع من ربيع الأول وليست ليلة الثانى عشر منه . وحينئذ فجعل الإحتفال ليلة الثانى عشر منه لا أصل له من الناحية التاريخية . ومن الناحية الشرعية فالإحتفال ـ وكما يقول ابن عثيمين ـ لا أصل له أيضا لأنه لو كان من شرع الله لفعله النبى صلى الله عليه وسلم أوبلغة لأمتة . ولو فعله أوبلغه لوجب أن يكون محفوظا لأن الله تعالى يقول " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ( الحجر : 9) فلما لم يكن شئ من ذلك علم أنه ليس من دين الله وإذا لم يكن من دين الله فإنه لايجوز لنا أن نتعبد به الله عز وجل ونتقرب به إليه . فإذا كان الله تعالى قد وضع للوصول طريقا معينا ـ وهو ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ـ فكيف يسوغ لنا ونحن عباد أن نأتى بطريق من عند أنفسنا يوصلنا إلى الله ؟ هذا من الجناية فى حق الله عز وجل أن نشرع فى دينه ماليس منه . كما أنه يتضمن تكذيب قول الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ) ( المائدة : 3) . وهذا الإحتفال إن كان من كمال الدين فلابد أن يكون موجودا قبل موت الرسول عليه الصلاة والسلام . وإن لم يكن من كمال الدين فإنه لايمكن أن يكون من الدين لأن الله تعالى يقول : ( اليوم أكملت لكم دينكم .... ) ومن زعم أنه من كمال الدين وقد حدث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم فإن قوله يتضمن تكذيب هذه الآية الكريمة . ولاريب أن الذين يحتفلون بمولد الرسول إنما يريدون بذلك تعظيم الرسول وإظهار محبتة وتنشيط الهمم على أن يوجد منهم عاطفة فى ذلك الإحتفال للنبى صلى الله عليه وسلم . وكل هذه من العبادات محبة الرسول عبادة بل لايتم الإيمان حتى يكون الرسول أحب للإنسان من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين . وتعظيم الرسول من العبادة . كذلك الحال فالعواطف نحو النبى من الدين أيضا لما فيها من الميل إلى شريعتة . إذن فالإحتفال بمولد النبى من أجل التقرب إلى الله وتعظيم رسول الله عبادة . وإذا كان عبادة فإنه لايجوز أبدا أن يحدث فى دين الله ماليس منه فالإحتفال بالمولد بدعة ومحرم . ثم أننا نسمع أنه يوجد فى هذا الإحتفال من المنكرات العظيمة مالايقره شرع ولاحس ولاعقل فهم يتغنون بالقصائد التى فيها الغلو فى الرسول حتى جعلوه أكبر من الله ـ والعياذ بالله ـ ومن ذلك أيضا أننا نسمع من سفاهة بعض المحتفليين أنه إذا تلا التالى قصة المولد ثم وصل إلى قولة " ولد المصطفى " .. قاموا جميعا قيام رجل واحد يقولون : إن روح الرسول حضرت فنقوم إجلالا لها . وهذا سفه . ثم أنه ليس من الأدب أن يقوموا لأن الرسول كان يكره القيام له فأصحابه وهم أشد الناس حبا له وأشد منا تعظيما للرسول لايقومون له . لما يرون من كراهيتة لذلك وهو حى فكيف بهذه الخيالات ؟ ؟ ..