تنطلق هذه الدراسة من افتراض مؤداه أنه على الرغم من انطلاق عملية تسوية الصراع العربي الإسرائيلي منذ مؤتمر مدريد 1991، إلا أن الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومنابع النيل استمرت تشكل تهديدًا رئيسيًا لأمن الدول العربية، ولذلك أخذت العلاقات المصرية الإسرائيلية تتراوح بين التعامون والصراع، واشتد التنافس بينهما في مواقع كثيرة...
قراءة الكل
تنطلق هذه الدراسة من افتراض مؤداه أنه على الرغم من انطلاق عملية تسوية الصراع العربي الإسرائيلي منذ مؤتمر مدريد 1991، إلا أن الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومنابع النيل استمرت تشكل تهديدًا رئيسيًا لأمن الدول العربية، ولذلك أخذت العلاقات المصرية الإسرائيلية تتراوح بين التعامون والصراع، واشتد التنافس بينهما في مواقع كثيرة كان البحر الأحمر ومنابع النيل من أبرزها، وقد يسرت مستجدات الوضع الاستراتيجي في التسعينات لإسرائيل الحصول على مكاسب جديدة، وترسيخ أقدامها في المنطقة، وتجلي ذلك في التحالف الإريتري الإثيوبي، واحتلال إريتريا جزيرة حنيش اليمنية، وصعود نفوذ قبائل التوتسي في منطقة البحيرات العظمى، والمحاولات الإقليمي والدولية لتغيير قواعد استخدام مياه الأنهار، مما يؤثر سلبيًا على الأمن المائي العربي، وفي الواقع أنه إذا نفذت إثيوبيا مشروعاتها المائية لسحب مياه من نهر النيل، فإنها ستشكل تهديدًا لمصر والسودان، مما يعني تهديد الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي التي ترتبط بمنطقة البحيرات العظمى في وسط افريقيا، نظرًا للاعتماد المتبادل بين الإقليمين، ويأتي ذلك في إطار سياسة أميريكية جديدة نشطت في المنطقة منذ انتهاء الحرب الباردة، نجحت إسرائيل في إيجاد موقع لها في إطارها.ونظرًا للتفاعلات المعقدة في المنطقة النابعة من تكوينها السكاني والجغرافي فقد أصيبت الاستراتيجية الإسرائيلية بالارتباك بسبب انهيار التحالف الإريتري - الإثيوبي، وعودة جزيرة حنيش الكبرى إلى اليمن، وتصاعد الصراع بين مجموعة القادة الجدد في وسط أفريقيا، وبين هذه البداية النشطة في مطلع عقد التسعينات وانتهاء بانتكاسة غير متوقعة في نهايته، فإن الاستراتيجية الإسرائيلية حققت تقدمًا ملموسًا.ولا تعني هذه الدراسة بالوقوف كثيرًا على بدايات وتطورات العلاقات الإسرائيلية الإفريقية، وإنما البحث في ثوابت ومستجدات الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومنابع النيل، من خلال دراسة جوانب الاستمرارية والتغير بالتركيز على عقد التسعينات، وذلك بالتمييز بين وجود أمني إسرائيلي في ظل استراتيجية شاملة تجاه دول حوض النيل والبحر الأحمر وشرق إفريقيا، وبين علاقات مع عدد من الأنظمة الإفريقية الأخرى لأهداف متنوعة.