لاحظت من خلال دراستي للأدب والتاريخ في العصر الأموي أنه تعرض لموجة عاتية من التحريف والتزييف والطمس، وأن رجالاته قد وقعوا بين فكي السلب والايجاب، فجاءت صورهم مشوهة، فشرعت أنبه طلابي على هذه الظاهرة، وأنصحهم إلا ينساقوا وراء الروايات الأدبية دون أن يقفوا عندها ويناقشوها مناقشة علمية مجردة من الهوى. ومن أكثر رجالات الدولة الأموية ...
قراءة الكل
لاحظت من خلال دراستي للأدب والتاريخ في العصر الأموي أنه تعرض لموجة عاتية من التحريف والتزييف والطمس، وأن رجالاته قد وقعوا بين فكي السلب والايجاب، فجاءت صورهم مشوهة، فشرعت أنبه طلابي على هذه الظاهرة، وأنصحهم إلا ينساقوا وراء الروايات الأدبية دون أن يقفوا عندها ويناقشوها مناقشة علمية مجردة من الهوى. ومن أكثر رجالات الدولة الأموية تعرضاً لموجة التحريف والتشويه يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، الذي يصعب على الباحث أن يكون له صورة واضحة المعالم؛ لأن المصادر التي تناولت أخباره متناقضة تناقضاً بيناً، ويغلب عليها التعصب المذهبي والعرفي بشكل واضح وقاس الى حد الغلو، بل وصل الغلو فيه الغاية، وانقسم الناس فيه فريقان : فريق يؤلهه وفريق يكفره ويجعله شيطاناً؛ مما جعل صورة يزيد الحقيقية تتلاشى لتحل محلها صورة مصنوعة زائفة كريهة، لا يملك إنسان القرن العشرين إزاءها إلا النفور منها ولعنها، حتى قال بعض من لا يعرف حقائق الأمور: " سب اليزيد ولا تزيد". من مقدمة الكتاب، وهي رسالة ماجستير في اللغة العربية وآدابها بكلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية عام 1993م باشراف الدكتور جاسر أبو صفية.