الرَّوْم، والإشمام، والاختلاس، والإخفاء الحقيقي، والإخفاء الشفوي، والإخفات، مصطلحات صوتية تجويدية غاص في عمق بحرها المختصون غوصاً حتى استخرجوا منه لؤلؤاً ومرجاناً، فكانت بحق حلة لمن أراد لبـوس القراء الأساتذة. لقد عرف أسلافنا لهذه الدراسة قدرها وبنوا عليها الكثير من الآراء في مختلف الدراسات الصوتية فأطلقوا على هذه الدراسات (علم ...
قراءة الكل
الرَّوْم، والإشمام، والاختلاس، والإخفاء الحقيقي، والإخفاء الشفوي، والإخفات، مصطلحات صوتية تجويدية غاص في عمق بحرها المختصون غوصاً حتى استخرجوا منه لؤلؤاً ومرجاناً، فكانت بحق حلة لمن أراد لبـوس القراء الأساتذة. لقد عرف أسلافنا لهذه الدراسة قدرها وبنوا عليها الكثير من الآراء في مختلف الدراسات الصوتية فأطلقوا على هذه الدراسات (علم الأداء القرآني)، كان هدفهم الرئيسي منها الحفاظ على القرآن الكريم من أن يتقحمه خطأ في النطق أو الفهم. وبما أن هذه المصطلحات تعـد من دروس علم الصوتيات، فقد أسس عليها علماء التجويد قواعد وأُسساً استندوا إليها في جولاتهم الصوتية. فقد أحسن أبو عمرو الداني (ت 444 هـ) بقوله إلى أهمية تعلم هذه الأصوات كي يتمكن القارئ من إجادتها حيث قال:(اعلموا أن التجويد لا يتمكن والتحقيق لا يتحصل إلاَّ بمعرفة حقيقة النطق بالمتحرك، والمسكّن، والمختلس، والمرام، والمشم، والمهموز، والمسهل، والمحقق، والمشدد، والمخفف، والممدود، والمقصور، والمبين، والمدغم، والمخفي، والمفتوح، والممال). لهذا جاءت دراسات معمقة وحيوية قديماً وحديثاً حول إيصال مفهوم هذه المصطلحات وغيرها، ليتسنى للباحثين والدارسين من طلبة العلم الإحاطة بها إحاطة خالية من اللحن والخطأ. فأما الرَّوْم والإشمام؛ فإن الأغلب الشائع اليوم من المجودين أنهم لا يقفون إلاَّ على ساكن فقط، بينما نجد أن العرب فيما مضى لهم ثلاثة أحوال بالوقف على الضم والمرفوع، والكسر والمجرور، فهم إما أن يقفوا على ساكن أو يقفوا على رَوْم أو على إشمـام. والإشمام لا يكون إلاَّ في الضم. وأما النحاة فلهم أحوال أربعة عند الوقف كما قال سيبويه:(فأما المرفوع والمضموم فإنه يوقف عنده على أربعـة أوجه: بالإشمام، وبغير الإشمام كما تقف عند المجزوم والساكن، وبأن تروم الحركة التحريك، وبالتضعيف). وأما الاختلاس فهو:إسراع اللفظ بالحركة إسراعاً يظن السامع أن حركته قد ذهبت من اللفظ لشدة الإسراع، وهي كاملـة في الوزن، تامة في الحقيقـة، إلاَّ أنها لم تمطط ولا تَرَسُل بها، فخفي إشباعها ولم يتبين تحقيقها، والاختلاس يكون في الحركات جميعها. والرَّوْم والإشمام والاختلاس هذه الثلاثة لا تكـون إلاَّ في إخفاء الحركة، أو تبعيضها. وأما التي تكون في إخفاء الحروف، فهي على ثلاثة أقسام:القسم الأول: تبعيض الحـرف وستر ذاته في الجملة كما في الميم الساكنة قبل الباء سواء أكانت أصلية أم مقلوبـة من النون الساكنة أو التنوين، ويطلق عليه بـــــــــ (الإخفاء الشفوي). القسم الثاني: إعدام ذات الحرف بالكلية وإبقاء صفته وهي غنته كما في إخفاء النون الساكنة والتنوين عند حروف الإخفاء الخمسة عشر المجموعة في أوائل كلمات البيت الآتي: (صِفْ ذَا ثَنَا كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَمَا.... دُمْ َطَيِّبَاً زِدْ فِي تُقى ضَعْ ظَالِمَا)، ويسمى (الإخفاء الحقيقي). القسم الثالث: حروف يخفت صوتها، وهذا ما يطلـق عليه بــ(الإخفات)، ونعني به: أن يتلفظ القارئ بالحرف فلا يكاد يسمع، أو أن يمال باللسان ميلاً يسيراً، وحروفه مجموعة في عبارة (لَنْ يَضُرُوهُمْ) فقط ولا يجوز في غيرها، ولعمله شروط سنبينها بإذن الله في موضعها.