ارتبط اسم ادريس السنوسي وشخصيته، أميراً وملكاً، بالليبيين إرتباطاً وثيقاً الصلة منذ بدايات الأعوام الأولى من القرن العشرين، إلى القريب من نهاياته وصارت جزءاً من تاريخ بلادهم التي شهدت طوال هذه الفترة من مرور الزمن الكثير من الأحداث الجسام، قادم خلالها بلا توقف... بدءاً من عام 1914 وحتى سبتمبر/ أيلول 1969.إن غالب هذه الفترة لم يك...
قراءة الكل
ارتبط اسم ادريس السنوسي وشخصيته، أميراً وملكاً، بالليبيين إرتباطاً وثيقاً الصلة منذ بدايات الأعوام الأولى من القرن العشرين، إلى القريب من نهاياته وصارت جزءاً من تاريخ بلادهم التي شهدت طوال هذه الفترة من مرور الزمن الكثير من الأحداث الجسام، قادم خلالها بلا توقف... بدءاً من عام 1914 وحتى سبتمبر/ أيلول 1969.إن غالب هذه الفترة لم يكن ربيعاً أخضر كله... أو مبهجاً تماماً، بل كان ممتلئاً على الدوام بالأزمات والمشاكل والصراعات والمتغيرات المحلية والعربية والدولية إضافة، وهو الأهم والأفظع، إلى الحروب والمجاعات وتخلف الأوضاع ومواجهة المحتل الأجنبي للوطن على إمتداد أطرافه.لقد عاش هذا الرجل (1890- 1983) في جزء كبير من حياته وعبر جميع الظروف المتقلبة وسط مهنة (السياسة) وتصريف أمورها، ومداولة شؤونها، إلى أن قرر الإستقالة من مسؤولياته في الرابع من أغسطس/ آب 1969م، وفقاً لما هو ثابت، بعد أن أوهنت من عزمه معاناة الأعوام، وشعر بأن عوامل الصحة والسن لا يفيان بأداء واجباته على الوجه الأكمل، منذ أن بايعه الشعب ملكاً في ديسمبر 1950.ويمكن القول أنه وإن اختلفت التقييمات وتباينت الرؤى حول شخصية هذا (الأمير والملك) على إمتداد فترته التاريخية التي عاشها وتعددت بشأنها الأقوال والآراء ووجهات النظر، و(الثرثرة) أيضاً، حيث أشير إليه بالنقد والتجريح في أحيان أخرى نتيجة للإلتباسات أو سوء الفهم ودون النظرة العلمية الواقعية إلى شخصية وواقعه وظروفه، كما وحركة التاريخ، فإن إدريس السنوسي، بكل ماله... وما عليه، يظل هو مؤسس ليبيا الحديثة بعد أعوام مضنية من الظلم والإحتلال، وقد لمس الليبيون في عهده، رغم العثرات والمآخذ - إستقراراً ظلوا يشتاقون إليه في فترة لاحقة، وندر مثيله في المنطقة العربية تلك المدة التي ارتفع فيها مدّ الإنقلابات العسكرية... والخطابات... وصراع الأحزاب... وظلت وتيرة المقارئة مؤلمة، ووقع الصدى مؤثراً لصدى السنين الحاكي.كانت الرؤية في العموم (عوراء) ومجانبة ومجاثبة للواقع، في الوقت نفسه، وحدثت وسط طوفان هائل من السبّ والشتائم وقذف اللعنات في ظهر الرجل وعهده معاً، فيما علّقت على مشجعيها كل أسباب التخلف والرجعية، ودون السماح - ولو مرة واحدة - بفتح الأبواب المرصدة أمام الدراسات المنصفة أو الأصوات المتعلقة - أو حتى المتخلقة والناقدة بعلمية ووعي تاريخيين حيال الرجل وتاريخه وعهده في ليبيا.وعلاوة على القصور الواضح الذي لازم هدير ذلك الطوفان المنفلت عنه ألصقت به تهم العمالة والخيانة أيضاً، وكان ذلك كافياً لتلطيخ صورة الرجل الذي بنى "الدولة الليبية" في ظروف قاسية، في عقول الأجيال التي لم تنشأ في أيام المملكة وأدى في نهاية المطاف إلى إلغائه من (الذاكرة التاريخية لليبيا) ومناهجها وبرامجها وطمس معالم دوره السياسي والوطني مع تعمد الإساءة المتواصلة إليه، وعبر هذا كله، وحتى وفاته، التزم الرجل المؤسس الصمت، هو ورجال مملكته، ولما يبادر إلى إتخاذ موقف لصالحه... أو صالح تاريخه، والكشف من الحقائق كما وقعت... ولم يكتب أو بنشر شيئاً من ذكرياته الذي يبين عن جهده في صنع جزء من ليبيا في السنوات المعاصرة.من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي سعى المؤلف من خلاله إلى تأليف هذا الكتاب يسرد من خلاله سيرة حياة إدريس السنوسي الأمير والملك مبيناً دوره السياسي والوطني وذلك من خلال دراسة موضوعية موثقة، بحيث أورد المؤلف فصولاً خصصها لعرض هذه الوثائق.