نبذة النيل والفرات:هذا هو نهج الاستعمار البريطاني، فهو يكافئ أصدقاؤه ما دام فيهم ما يرتجى، ويعاقب عدوّه إن كان في ذلك رادع للآخرين.."يتناول الكاتب في هذا المؤلَف، تجاربه "في بلاد ما بين النهرين منذ الهدنة التركية في31 تشرين الأول من عام 1918، حصراً والأرضيين الواقعة بين "الزاب الصغير" و"الزاب الكبير"المكوّنة لمحافظة "أربيل"، وقض...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:هذا هو نهج الاستعمار البريطاني، فهو يكافئ أصدقاؤه ما دام فيهم ما يرتجى، ويعاقب عدوّه إن كان في ذلك رادع للآخرين.."يتناول الكاتب في هذا المؤلَف، تجاربه "في بلاد ما بين النهرين منذ الهدنة التركية في31 تشرين الأول من عام 1918، حصراً والأرضيين الواقعة بين "الزاب الصغير" و"الزاب الكبير"المكوّنة لمحافظة "أربيل"، وقضاء "رانية" الذي هو جزء من محافظة "السليمانية"، وبليدة "الطون كوبري" الكائنة في محافظة كركوك في يومنا هذا"، فهو الذي عيّن باسم الحكومة البريطانية، حاكما سياسياً على أربيل التي كانت قضاء تابعا للواء الموصل، ومساعد حاكم سياسي في راوندوز التي اضيفت إلى أربيل. وكان قد تعلّم "شيئاً من الفارسية من الهند، وشيئا من العربية في الفرات"، كما أنه تعلّم التحدث باللغتين التركية والكردية "بطلاقة معتدلة". لقد جذبه كما العديد من الإنكليز، "نداء البحر غير المسلوك وسحر كل ما هو طريف وعجيب". إن كل ما يصبو إليه من هذا الكتاب "هو حمل قارئه إلى بلد قصيّ، ليشاركه فيه مسرّاته النابعة عن أشياء غريبة، والتحدث مع أناس أمرهم عجب، والعيش معهم، خلال مغامرات وساعات أهوال، وعلى ما حظي به هو تجربة وخبر".تتناول الفصول الخمسة التي يتضمنها الكتاب، بحث "الوضع الجغرافي للمنطقة، مشفوعا بطبيعة سكانها، وعاداتهم وطرائقهم الزراعية، ونظام ملكية الأراضي السائدة، وما تنتجه البلاد وما تتجر به"، مدّعمة بخريطة مفصّلة للمنطقة، حين كان "العراق تحت ظل الأتراك منقسماً إلى ولايات ثلاث هي: البصرة وبغداد والموصل"، يسكنها العرب، في حين كان سكان لواء أربيل مختلطين بين كرد وتركمان وعرب.يمضي الكاتب بعد ذلك "لسرد تجاربه بدءاً من ألطون كوبري، وزيارته الأولى لمحافظة أربيل، واصفاً سلسلة مغامراته في منطقة راوندوز، وما نجم من اضطرابات في أربيل في خاتمة المطاف، والتي ثبت أنها قلبت الحال رأساً على عقب. وسيختم بتنويه مقتضب بزملائه في الإدارة المدنية ويخص بالذكر منهم من خرّ صريعا". يتضمن الكتاب أيضا عددا من الصور لطبيعة المنطقة ولعدد من شخصياتها في ذلك الزمان، كما يتضمن ملحقين، الملحق الأول وفيه النظام الإداري في الإمبراطورية العثمانية، والملحق الثاني وفيه خلاصة الوقائع التي شهدتها بلاد ما بين النهرين من الهدنة حتى نهاية سنة 1920.يعيد هذا الكتاب القارئ، بقصصه ورواياته المشوقة وأحداثه، سيرة منطقة جغرافية في مرحلة تاريخية معبّرة، تظهر الطريقة التي مارس فيها الانتداب البريطاني سلاطته التي تمثلت بحاكميه ومساعديهم وضباطه وجنوده، وعن طريقة إدارتهم لها، كما طريقة التعامل المتبادل بينهم وبين السكان الأصليين.