يفهم من القواعد عادةً تلك القضايا الكلية التي تنطبق على جزئيات معيّنة، فلكل علم قواعد تمثل الأطر العامّة له، ومنها علم السياسة، غير أنّ هذا الكتاب ينحو منحىً آخر في موضوعه وأسلوبه وطريقة عرضه، فهو يركّز على أخلاقيات العمل السياسي، وما يجب على العاملين في هذا المجال القيام به، وكيفية التصرف وفق المنظور الإلهي المتمثل بالقرآن والس...
قراءة الكل
يفهم من القواعد عادةً تلك القضايا الكلية التي تنطبق على جزئيات معيّنة، فلكل علم قواعد تمثل الأطر العامّة له، ومنها علم السياسة، غير أنّ هذا الكتاب ينحو منحىً آخر في موضوعه وأسلوبه وطريقة عرضه، فهو يركّز على أخلاقيات العمل السياسي، وما يجب على العاملين في هذا المجال القيام به، وكيفية التصرف وفق المنظور الإلهي المتمثل بالقرآن والسنة العملية للنبي (ص) وأهل بيته الكرام (ع).ولا يخفى أنّ السياسة في عصرنا الراهن قد شابها الكثير من السلوكيات المنحرفة ممّا شوّه هذا المفهوم، فغدت تنافي مفهوم الأخلاق، وصار من الغريب الجمع بن الأخلاق والسياسة، وكأنّ المجال السياسي صار حكراً على طلاب الدنيا والمراوغين والمتصارعين.ومن هنا انطلقت فكرة هذا الكتاب؛ لتوضح للقارئ الكريم ضوابط لأخلاقيات العمل السياسي، وترسم نقاطاً تعبوية في طريق العزة والكرامة الذي يسير عليه المجاهدون في الحقل السياسي، مستلهماً أفكاره من السيرة العملية للنبي الأكرم وأهل بيته الأطهار، وما جسّده الإمام الخميني (قدس) من خلال تبنيه نظرية ولاية الفقيه في إقامة الحكومة الإسلامية.فقدّم الأستاذ الشيخ (حسن النحوي) هذا الجهد القيّم؛ ليوضّح تلك المعالم التي تؤكدها الشريعة، وتلك القواعد والاستراتيجيات العامّة التي تركّز عليها، و المبادئ التي جاءت لتحقيقها، مع التأكيد على قواعد السلوك المرتبطة بالتنظيم السياسي، والمتعلّقة بالنخبة والجماهير، وكيفية مواجهة الأخطار، وعلاج الظواهر السلبية مع التوضيح والعرض بما يناسب المقام.يمثّل هذا الكتاب خلاصة تجارب حركات التحرُّر في العالم؛ الإسلامية منها والعلمانية، ذات التاريخ العريق في النضال ضدَّ الطغاة والمُحتلّين، وما تمّ في هذا الكتاب هو حذف ما يُخالِف، وإضافة ما يُوافِق المنهج الثوريَّ الإسلاميَّ وفقاً لإسلامنا المُحمَّديِّ الأصيل، وهذه القواعد هي كقواعد الفقه، والأصول، وقواعد المنطق لا يُشترَط فيها إبداع المُؤلّف لها، بل تكون على الأغلبِ لغيرهِ، ويُضيف إليها ما يُوافِق خطَّه ورأيه ووفقاً لأسلوبه في الكتابة، وهو دراسة في أخلاقيّات السلوك السياسيِّ، وليس في قواعدِ علمِ السياسة؛ ونظراً لحدوث الكثير من التصرُّف في المتون والأفكار المُقتبَسة، تعمَّد الكاتب إغفال بعض المصادر، وما نطمح إليه أن تتلو هذه التجربة في المستقبل تجارب أخرى؛ كي ينضج هذا العنوان، ويكون له شأنٌ كباقي العناوين المُهِمّةِ في الحياةِ.و انطلاقاً من واجبنا في مركز الهدف للدراسات، ومهمتنا في نشر الوعي السياسي الإسلامي الصحيح بين أبناء الأمة الإسلامية، لمسنا ضرورة تقديم هذا العطاء للقارئ الكريم حتى لا يعيش بعيداً عن واقع السياسة التي تخدم الحياة الفردية والاجتماعية لا للبلد فحسب، بل لكلّ بلاد المعمورة متى ما أقيمت على أسسها الإسلامية الصحيحة.