الحق في الصورة هو اليوم في صلب العديد من المناقشات ذات الطابع القانوني، بل وأيضاً ذات الطابع الديني والاجتماعي، سواء من حيث الاعتراف بوجوده كحق جديد يضاف إلى طائفة الحقوق المعروفة في القانون، أو من حيث طريقة ممارسته، خاصة في ظل التطور الإلكتروني والتكنولوجي الذي لم يعد ينحصر في مجال معين، بل هو تطور أصاب كافة مناحي الحياة. ولعل ...
قراءة الكل
الحق في الصورة هو اليوم في صلب العديد من المناقشات ذات الطابع القانوني، بل وأيضاً ذات الطابع الديني والاجتماعي، سواء من حيث الاعتراف بوجوده كحق جديد يضاف إلى طائفة الحقوق المعروفة في القانون، أو من حيث طريقة ممارسته، خاصة في ظل التطور الإلكتروني والتكنولوجي الذي لم يعد ينحصر في مجال معين، بل هو تطور أصاب كافة مناحي الحياة. ولعل التقدم الذي شهده قطاع التصوير وأدواته بشكل خاص، خلق نوعاً جديداً من التحدي أمام الإنسان الذي يرغب في كل الأحوال أن تظل حياته الخاصة بعيداً عن أعين الآخرين وكاميرات المتطفلين، في الوقت الذي أصبح فيه من السهل التسلل إلى خصوصيات الفرد والاعتداء عليها، وبأساليب وطرق شتى أهمها تصويره دون أن يشعر بذلك، ودون أن تشكل الموانع التقليدية من بعد المسافة أو إغلاق النوافذ أو ارتفاع الجدران عوائق أمام ذلك. وصورة الإنسان بلا شك هي أهم عنصر من عناصر الحياة الخاصة التي يجاهد الفرد في الحفاظ على قدسيتها، فهي مرآته التي تعكس شخصيته، ليس في المظهر المادي الجسماني وحسب، وإنما أيضاً في المظهر المعنوي الذي يعكس مشاعر الإنسان وأحاسيسه ورغباته، لأنها تظهر ما يحاول المرء أن يخفيه بداخله مهما حاول ذلك، والإمام علي كرم الله وجهه يقول "ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه"، فالصورة ترتبط بصاحبها ارتباطاً وثيقاً، ومن هنا تأتي قيمتها وضرورة احترامها. ولم يكن إنتاج الصورة أو عرضها أو نشرها يثير قديماً أي مشكلة قانونية لأن الإنتاج كان يتم بالوسائل التقليدية من رسم ونحت، وهي التي تستدعي بقاء الشخص أمام الفنان مدة طويلة تدل على رضائه وقبوله بذلك، غير أن تطور وسائل التصوير وتنوع الأدوات التي يمكن باستخدامها التقاط صورة لشخص ما دون أن يدري بذلك، ودون الاقتراب منه، وإمكانية نشر وتداول الصورة على نحو يؤدي إلى مشاهدتها من آلاف الناس، إضافة إلى احتمالية استغلال الصورة في أغراض مختلفة وباستخدام تقنيات جديدة لمعالجتها وإضافة تأثيرات عليها، وما قد يترتب على ذلك من مشاكل قانونية واجتماعية ونفسية وأخلاقية عديدة، هذا الأمر جعل الفقه والقضاء يتدخل لإقرار أن للإنسان حق على صورته يخوله سلطات لحمايته شأنه شأن أي حق آخر.