طلع القرن الثامن الهجري على الأندلس وقد انحصرت في إقليم ضيق من الطرف الجنوبي الشرقي من شبه جزيرة ايبرية، واجتمع من بقي من المسلمين من مدينة غرناطة، التي أصبحت العاصمة، وفيما انتثر حولها من مدن وقلاع وحصون، وآل الأمر في هذه الدول الصغيرة منذ أواسط القرن السابع إلى بني نصر المعروفين ببني الأحمر.واتصلت يد بني نصير بمن وراء البحر من...
قراءة الكل
طلع القرن الثامن الهجري على الأندلس وقد انحصرت في إقليم ضيق من الطرف الجنوبي الشرقي من شبه جزيرة ايبرية، واجتمع من بقي من المسلمين من مدينة غرناطة، التي أصبحت العاصمة، وفيما انتثر حولها من مدن وقلاع وحصون، وآل الأمر في هذه الدول الصغيرة منذ أواسط القرن السابع إلى بني نصر المعروفين ببني الأحمر.واتصلت يد بني نصير بمن وراء البحر من أهل العدوة من بني مرين سلاطين المغرب للوقوف في وجه طغيان النصارى وفسادهم في أرض الأندلس، لم تكن الصلة بين هاتين الدولتين علاقة حرب وجهاد فحسب، بل إنها تجاوزت ذلك إلى ما يكون من علاقات تجارية وثقافية وفكرية، فتنقل عدد من أعلام الدولتين بين الحواضر والمدن المختلفة منهما، وتولى كثير من الأندلسيين مناصب هامة في المغرب، وكثير من المقاربة مناصب من الأندلس.وانتقلت بعض الأسر من مواطنها إلى البلد الآخر لأسباب سياسية أو إقتصادية أو طلباً للسلامة، ومن تلك الأسر فرع من بني نصر ينتمي إلى أبي سعيد فرح بن إسماعيل أمير مبالغة، وينتسب إليه أبو الوليد بن يوسف بن الأحمر الأديب المؤرخ النسابة.كانت الحياة الأدبية في الأندلس والمغرب ناشطة في القرن الثامن فظل مستوى الثقافة رفيعاً في مملكة غرناطة، وظهر في كلتا الدولتين عدد من الباحثين والكتاب والمصنفين والشعراء، ممن أعطى لهذا العصر صورة ناصعة من صور العهود السالفة، كلسان الدين الخطيب، وابن زمرك، وأبي الحسن بن الجياب... وإسماعيل بن الأحمر وسواهم.وقد لفت نظر الباحث أديب من أدباء هذا العصر هو الأمير النصري إسماعيل بن يوسف بن محمد بن الأحمر، الذي نشأ في الأندلس وقضى فيها صدراً من حياته، ثم لحق بالمغرب حيث يقيم والده ونفر من آله، بعد أن أهدر سلطان غرناطة دمه، وأزعجه عن الأندلس، فاستقر بفاس لا يغادرها إلا لماماً، واتصل بملوك بني مرين يخدم في حضرتهم، ويرفع إليهم وإلى وزرائهم وكتابهم قصائده ومؤلفاته ليستعين برقدهم على مطالب الحياة، وكان طوال عمره المديد لا يكلّ عن إرتياد حلقات العلماء ومطالعة الكتب والتصنيف في موضوعات شتى كالتاريخ والأدب وتراجم الأعلام.من هنا، رأى الباحث أن يكون موضوع رسالته لنيل درجة الماجستير في الآداب هو دراسة عن هذا العلم الأندلسي ابن الأحمر، مع نشر أحد كتابيه، عسى أن يسهم ذلك في الدراسات الأدبية عن الأندلس وأعلامها، وأن يزيد من جلاء فترة هامة من أواخر عهد الإسلام بالأندلس، وتألفت هذه الرسالة من كتابين، أما الكتاب الأول فقد جاء في أربعة فصول: الأول منها في عصر المؤلف والثاني في حياته والثالث في آثاره، والرابع في أدبه، وأما الكتاب الثاني فقد حوى النصر المحقق لمخطوطة ابن الأحمر (نثير فوائد الجمان في نظم فحول الزمان).