مما لا شك فيه أن الإعلام يعتبر دعامة أساسية من دعامات الحياة وقوة فاعلة في المجتمع، تسهم في تماسكه واستقراره، كان للإعلام منذ قديم الزمان دوره الذي تجلى من خلال الوسائل التي تم تداولها بين الناس مثل الكتب، والندوات، والمناظرات، والمجالس، والمنتديات الأدبية حتى المسرح كان وسيلة إعلام فاعلة ومهمة في المجتمعات. وبعد ظهور الطباعة ال...
قراءة الكل
مما لا شك فيه أن الإعلام يعتبر دعامة أساسية من دعامات الحياة وقوة فاعلة في المجتمع، تسهم في تماسكه واستقراره، كان للإعلام منذ قديم الزمان دوره الذي تجلى من خلال الوسائل التي تم تداولها بين الناس مثل الكتب، والندوات، والمناظرات، والمجالس، والمنتديات الأدبية حتى المسرح كان وسيلة إعلام فاعلة ومهمة في المجتمعات. وبعد ظهور الطباعة الآلية تطور الإعلام وتطورت وسائله التي أصبحت تنتج كل جديد وتدهش العالم بكل جديد مبتكر. ظهرت وكالات الأنباء وتطورت مما زاد من أهمية الإعلام في نقل المعلومات. كما أدى ظهور الوسائل الإعلامية الحديثة أيضا إلى رفع شان الإعلام وتفعيل دوره في المجتمع ليزود الجمهور بأكبر قدر من المعلومات والبيانات والأحبار. تزداد الحاجة للإعلام كلما ازداد تطور المجتمع تعقيدا، وكلما ارتفع المستوى التعليمي والثقافي والفكري للأفراد الذين يعيشون فيه، فهو يمثل المرآة العاكسة لما يجول في كل الساحات والميادين. ويعتبره كثيرون رمزا من رموز السيادة الوطنية لأنه الأداة التي تشحذ الهمم في الحروب وينقل أخبارها ويقوي الجبهات الوطنية الداخلية. هذا هو وضع الإعلام وأهميته من هنا فان الأمن لا يقل أهمية عن الإعلام فهو من الاحتياجات الأساسية للفرد والمجتمع. فقد اتسع تأثير الإعلام ليشمل كل جوانب الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والبيئية، والثقافية والوطنية. من هذا المنطلق تطور الجانب الأمني لارتباطه مباشرة بهذه الجوانب المتعددة والمتشابكة. ولم يعد الإعلام العام قادرا على مواكبة التطورات العميقة في مفهوم الأمن. مع التطور الناجز في المجتمعات كان لا بد أن ينشأ مفهوم جديد يساير التقدم الذي حدث في المجال الأمني، هذا من الجانب الأمني، أما جانب الإعلام فقد اعتراه التطور الكبير أيضا، الأمر الذي أدى إلى زيادة التدفق الإعلامي عبر الوسائل المختلفة التي تنقل الأخبار لاسيما الأمنية فتعددت المصادر ولم تعد الجهات الأمنية قادرة بان تكون مصدرا وناقلا للأخبار في الوقت ذاته. إذ تتصف الأجهزة الأمنية دائماً بالتكتم والسرية إزاء المواقف التي تتطلب الصراحة والوضوح. وفي تواز مع هذا نجد الأجهزة الإعلامية التي تتمتع بالانتشار والذيوع بين الناس جميعاً بشكل من الأشكال. في خضم هذين الموقفين لا بد من ظهور موقف متزن يعمل على النقل الصادق للحقائق والمعلومات مع مراعاة الأوضاع الخاصة والحساسة التي تتطلب الحيطة والحذر أحياناً. من هذه الحاجة وبالتوازن بين العنصري –الإعلام والأمن- جاء الإعلام الأمني ليسد حاجة وليلعب دوراً مهماً في مجال الأمن وتقريب وتجسير المسافات ما بين الإعلام والأمن. ولإيصال المعلومة الأمنية ولتزويد المتلقي بالمعارف الأمنية والمعلومات التي ظلت حكراً على الأجهزة الأمنية والأنظمة الحاكمة فترات طويلة من حياة المجتمعات، فكان الناس نهباً للإشاعات والأحاديث المتناقلة التي يعتريها الزيادة والنقصان دائماً. كما يتيح الإعلام الأمني المعرفة التامة بالقضايا الأمنية بعيدا عن حجب المعلومات وإخفائها. ويقوم بالدور التوعوي ويقدم النصح للمجتمع فيما يتعلق بإجراءات حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وكل ما من شأنه أن يجنب المواطن من الوقوع في الجريمة، والترهيب من عواقب ارتكابها على الفرد والمجتمع. يؤكد الإعلام الأمني دوره وأهميته من خلال العمل على مساعدة العاملين في سلك الأمن في القيام بواجبهم ورفع روحهم المعنوية إزاء ما يقومون به من أعمال في سبيل الحفاظ على سلامة واستقرار المجتمع. تتعدد مناحي وجوانب التوعية الأمنية فمن خلال التوعية المرورية يتم إرسال إرشادات حول كيفية استخدام الطريق حفاظا على سلامة مستخدميه والحد من الحوادث المرورية، كما يمكن التعريف بمضار المخدرات وآثارها المدمرة على العقول والصحة العامة. وإجراءات السلامة والوقاية من الحرائق وكيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية وما ينتج عنها. كل هذه الجوانب التوعوية وغيرها من صميم عمل واهتمام الأجهزة الأمنية. والقائمين بالاتصال في مجال الإعلام الأمني بما لديهم من خبرة في عمل الأجهزة الأمنية والإعلام يمكنهم تقديم رسالة اتصالية فعالة متوازنة، فهم مصدر الرسالة الاتصالية، فهو الفرد أو المجموعة التي تهتم بالرسالة الإعلامية، حيث يتم إعدادها بما يتناسب مع الجمهور ومستواه الفكري ومدى استيعابه للرسالة مع مراعاة جودة الرسالة المرسلة ليتلقاها المتلقي المستفيد ويتفاعل معها، ثم على مرسل الرسالة أن يقف على مردودها "التغذية الراجعة" ويحللها بهدف الاستفادة منها. على معد الرسالة الاتصالية في وسائل الإعلام المختلفة لا بد أن تكون لديه ملكات مميزة أهمها الاستعداد والإحساس بالمادة، إضافة إلى المهارات الخاصة بطرق الاتصال والإقناع وعليه أن يكون قوي الملاحظة حاضراً ومتفتحا ذهنيا، سريع الملاحظة والإدراك، كما يجب أن قادرا على التفاعل مع الأشياء من حوله. وكغيره من معدي الرسائل الاتصالية لا بد أن تعزز وتقوى الصفات الفطرية لديه بتدريب وصقل وتخصص دقيق، إضافة على القدرة إلى التعامل مع التقنيات الاتصالية التي تمكنه من المعالجة الآنية السريعة للحدث وحل المشكلات. وانطلاقاً مما تقدم نبعث فكرة هذا الكتاب الذي يتناول دور الإذاعة في التوعية الأمنية.