مثل البحر الأحمر منذ القدم حلقة وصل بين الحضارات التي قامت بمحاذاة سواحله من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.. فمن حضارات اليمن القديمة وأرض الشام إلى حضارات حوض النيل وبلاد القرن الأفريقي. وهو يمثل اليوم جسر عبور بين أوروبا وشمال أفريقيا المطلتان على البحر الأبيض المتوسط وبين جنوب وجنوب غرب آسيا وشرق أفريقيا المطلة على ال...
قراءة الكل
مثل البحر الأحمر منذ القدم حلقة وصل بين الحضارات التي قامت بمحاذاة سواحله من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.. فمن حضارات اليمن القديمة وأرض الشام إلى حضارات حوض النيل وبلاد القرن الأفريقي. وهو يمثل اليوم جسر عبور بين أوروبا وشمال أفريقيا المطلتان على البحر الأبيض المتوسط وبين جنوب وجنوب غرب آسيا وشرق أفريقيا المطلة على المحيط الهندي؛ حيث تنتقل سفن البضائع التجارية وناقلات النفط والغاز وسفن النقل والسياحة والصيد.. بل وحتى السفن والقطع الحربية الغازية، فقد وجدت في البحر الأحمر أقصر طريق! وقد أخذ البحر الأحمر أهميته في العصر الحديث عقب افتتاح قناة السويس (عام 1869م)، ولا نبالغ إذا قلنا أنه من أنشط البحار العالمية في مجال الحركة والملاحة البحرية، إلى الحد الذي أصبحت معه قناة السويس مصدر دخل قومي مهم لدولة مصر التي تتحكم منفردة بهذا الممر البحري الحيوي. وتقع الصومال شرقي أفريقيا، وهي مطلة على المحيط الهندي وخليج عدن، وقريبة إلى حد كبير من باب المندب. ومن ثم فهي ذات أهمية كبيرة للأمن الإقليمي في محيط البحر الأحمر، ومن ثم صارت مطمحًا لكثير من المحاولات الاستعمارية.ومن خلال هذا التتبع والاستقراء والعرض للقضية الصومالية ومراحلها ومحطاتها وعوامل التشابك والتداخل فيها خلال هذا البحث خلص الكاتب إلى نتيجة مفادها أن الصومال مثال واضح - ضمن كثير من الأمثلة - على تفكك الروابط الإسلامية والعربية بين دول العالم الإسلامي والعربي، وعلى أن الإرادة الاستعمارية القديمة والحديثة تسعى إلى تجزئة الجسد لتنفرد بكل جزء على حدة، تصيغه وفق أهدافها ومصالحها وتحالفاتها في المنطقة. وقد دفع الشعب الصومالي ضريبة التخاذل العربي والإسلامي وترك فريسة سائغة للقوى المعادية للإسلام والعروبة يشكلون حاضره ويرهنون مستقبله. ولم يعد خافيا على أحد أن جميع الضغوط مورست وبذلت كافة الجهود لإقصاء أي إرادة صادقة أو سعي جاد لحل الأزمة من قبل الدول العربية وجاء الحل مرسوما ومعدا من دوائر صنع القرار الغربية بالاتفاق مع حلفاء المنطقة: إثيوبيا وإريتريا وكينيا وإسرائيل! إن الصورة بهذه الملامح تؤكد خطورة النتائج المستقبلية لهذا التدخل السافر والسياسات الاختراقية لبلد عربي مسلم. وما لم تبذل الدول والشعوب العربية جهودا حقيقية في تأكيد هوية الشعب الصومالي العربية والإسلامية وتقدم له الدعم الإنساني والمساندة بالمال والإمكانيات المادية والخبرات المختلفة لنهضة البلاد وعمران الأرض وتنمية المجتمع.. وإلا فإن الاختراق الثقافي والفكري والسياسي سيتمكن من هذا البلد الذي يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر شريان الأمة ووريدها!!