نبذة النيل والفرات:تنطلق فكرة هذا الكتاب من مجموعة من المبادئ ربما يمكن حصرها في الآتي: 1-إن الثقافة تمثل العنصر الأهم في بناء المجتمعات الإنسانية، وبخاصة عندما يتسع مفهوم الثقافة ليشمل في دائرته كل أو أكثر أنماط السلوك الإنسانية التي تتشكل على ضوء محددات عدة تؤدي إلى صياغة تعبير ثقافي عن نمط العيش المرغوب فيه والمرغوب عنه. 2-ال...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:تنطلق فكرة هذا الكتاب من مجموعة من المبادئ ربما يمكن حصرها في الآتي: 1-إن الثقافة تمثل العنصر الأهم في بناء المجتمعات الإنسانية، وبخاصة عندما يتسع مفهوم الثقافة ليشمل في دائرته كل أو أكثر أنماط السلوك الإنسانية التي تتشكل على ضوء محددات عدة تؤدي إلى صياغة تعبير ثقافي عن نمط العيش المرغوب فيه والمرغوب عنه. 2-التنمية عنصر آخر يلازم الحياة الإنسانية، منذ بدايتها إلى أن تنتهي بشكلها المادي بموت الفرد، أو موت المجتمع. 3-يعد علي شريعتي واحداً من الكتاب الإشكاليين الذين كانت لهم مساهماتهم في ساحة الفكر الإسلامي بغض النظر عن الموقف المتخذ من الرجل ومما كتب، ولكنه على أي حال رجل أثبت حضوره وكان له أنصار ومريدون اتخذوا من فكره نموذجاً يدعى إمكان تطويره والبناء عليه لتحويله إلى مدرسة وتيار فكري.على ضوء ما تقدم من إشارات يحاول الكاتبان فيروز راد وأمير رضائي في كتابهما المعنون بـ"جامعة شناسى توسعه فرهنك: كندوكاوها وبنداشتهاى علي شريعتي"، فيحاولان على مدى ثلاثة فصول من الكتاب معالجة هذه العناوين الثلاثة بوصفها مدخلاً إلى الكتاب والأهداف التي يرمي إليها. ومن هنا أتى الفصل الأول ليعالج مفهوم الثقافة مستعرضاً أبرز التعريفات اليت طرحت حول في العلوم اليت تبحث حوله كعلم الاجتماع والإنثربولوجيا وغيرهما من العلوم المشابهة. ثم ليتضح المشهد أكثر فأكثر، يعرض المؤلفان لمجموعة من المصطلحات المرتبطة بمصطلح الثقافة ومن ذلك مفاهيم الحضارة والأيديولوجيا وغيرها. ولا يغفلان في الوقت نفسه الحديث عن أقسام الثقافة وتنويعاتها المفهومية في العلوم التي درستها وبحثت حولها.وينقلنا الفصل الثاني من الكتاب إلى الركن اللاحق وهو مفهوم التنمية، ليخلص خلال المعالجات التي يشتمل عليها إلى أن التنمية مفهوم واسع لا يمثل الاقتصاد إلا أحد أبعاده، وبالتالي لتتسع دائرة هذا المفهوم لتشمل التنمية على الصعيد الثقافي. ومن هذا الباب تدخل على الخط مفاهيم ومفردات ترتبط بمفهوم التنمية كالثورة والارتقاء والتثاقف وما إلى ذلك. وعلى هذا الصعيد يعرض الكاتبان لعدد من الآراء التي طرحت في هذا السياق ومقارنتها ليخلصا في محصلة الكلام إلى وجود عناصر عدة يرتبط بعضها ببعض تؤدي متضافرة إلى تحقق التنمية، ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو غير ذلك. وبعد تحديد المراد من التنمية والثقافة يعمد الكاتبان إلى المفهوم المركب منهما وهو مفهوم التنمية الثقافية، فيعرضان لمجموعة من النظريات المطروحة في هذا المجال، ومنها نظرية الانتشار، والتنمية الذاتية، وما يسميانه نظرية التنمية المنبثقة من الداخل، عارضين مجموعة من الأفكار التي لا يستغني من يريد مطالعة الكتاب عن المرور عليها لدورها البارز في جلاء الأفكار المعالجة على مدى صفحات الكتاب اللاحقة.وأما الفصل الرابع، فقد خصص لاستعراض حياة علي شريعتي وشرح سيرته الفكرية والعلمية بدءاً من الولادة إلى الدراسة في فرنسا وعمله في التدريس في جامعة طهران، ونشاطه الاجتماعي في حسينية إرشاد، وخلال متابعة حياة علي شريعتي العلمية ومسيرته الفكرية يبرز الكاتبان أهم المفكرين الذين تأثر بهم شريعتي وعلى رأس هؤلاء يشيران إلى محمد إقبال وجمال الدين الأفغاني، وما يؤكد تأثر شريعتي بهما هو حضورهما في كلامه، بل تخصيصه لكتاب حول محمد إقبال بعنوان: "نحن وإقبال". ولا يختم الفصل قبل استعراض كثير من النقاط التي تصب في مصلحة وضوح صورة علي شريعتي بدءاً مما تقدمت الإشارة إليه، ووصولاً إلى الحديث عن جمهوره ورسالته. وهكذا تتوالى فصول الكتاب إلى أن تبلغ الفصل العاشر المخصص للحديث عن المجتمع المثالي الذي يقدمه لنا علي شريعتي على صفحات كتبه ومنابره التي ارتقاها وقدم من خلال رؤاه وأفكاره.وينتهي الكتاب في تحديده لأهم المواقف التي تبناها شريعتي من موضوع البحث، أي من التنمية الثقافية، إلى أن التنمية عملية معقدة متداخلة الأبعاد لا يمكن أن يتحقق بعد واحد منها أو ينجح ويكون مجدياً إلا إذا اندمجت فيه التنمية الثقافية مع التنمية على الصعد الأخرى. وأما عن دور الدين في عملية التنمية فإنه يعطيه دوراً مركزياً، حيث يرى أن ثقافة كل شعب وتاريخه وحضارته ممتزجة بالدين امتزاجاً يفشل أية محاولة لفك الارتباط بين الدين وبين غيره من مكونات الحضارة والثقافة لأي مجتمع من المجتمعات التي يتمتع الدين فيها بحضور فاعل لا سيما المجتمعات الإسلامية والإسلام.