أناكثير من الناسحدثوني عن نفسيصنعوا ملاقيط كبيرة لالتقاط شوائب روحيجعلوني قديسا أو تافها أو حتى مجرد عبقري صغيرصنعوا كل شئ لأكون خارج غرفتيوضعوني في أسانسير مظلموحركوني صعودا وهبوطادون أن أفهم لماذا أحببترطوبة هذا المكان وظلامهلماذا لم أختف من المبنى كليةوأبتسم لنفسي في مرآة الحمامأي حمام.يوتوبيا المقابر1جدران غير مطلية،وأرضية م...
قراءة الكل
أناكثير من الناسحدثوني عن نفسيصنعوا ملاقيط كبيرة لالتقاط شوائب روحيجعلوني قديسا أو تافها أو حتى مجرد عبقري صغيرصنعوا كل شئ لأكون خارج غرفتيوضعوني في أسانسير مظلموحركوني صعودا وهبوطادون أن أفهم لماذا أحببترطوبة هذا المكان وظلامهلماذا لم أختف من المبنى كليةوأبتسم لنفسي في مرآة الحمامأي حمام.يوتوبيا المقابر1جدران غير مطلية،وأرضية مليئة بالحصى،وعظام هشة لا تستطيع حتى أن تقف،وعظامي أنا محشورة في الوسط.أفكر في مظاهرة صغيرة،للاحتجاج على الملائكة الذين منعواالكالسيوم اللازم لنا.والله فوق الحفرة يمد ظلاله علينا،ويتركنا نتأخر في النوم،تسقط بقعة ضوء من بين يديه،ويدخل جسد مظلم،تجف البقعة،ونتعرف على زميلنا الجديدبقلب مفتوح،ويعطينا السجائر بكرم زائد،نحب صوته حين يهمهم من البداية:ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم؟2 لا أرداف هنا ،ولا دماء،كيف سأتخيل إذن شكل المرأة؟وكيف يمكنني أن أحصل على استمناءات كافية؟حتى الدموع التي سقطت من عيونناجفت هنا،ولم يبق سوى هدوء قاتل،وثعابين تعذبنا بصورتهادون أن ننطق بحرف واحد.الأرض واسعة حقا،لكن ذلك لا يساعدنا بتاتاعلى تنفس مستريح.3بصقت إلى أعلى،فالتصق اللعاب بسقف المقبرة.في جثث جيراني لمحت نظرات عطوفة،وانفجرت الأمعاء كضحكة كبيرة.بقايا الطعام صنعت دودا كثيراالتهم دماءنا،لكن عظامنا مازالت قوية.انصرفت حبيبتي مع المشيعيين،ولكن ما الذي سأفعله حقا بدموعها؟هل ستخفف كرهي للغرف المغلقة؟وهل الحقن المهدئة ستنفع في تخفيف الحرارة؟والظلام الذي هبط علينا كدجاجةونحن لن نكون سوى موتىيجيدون الثرثرةوالتبول مساء.4الصرخات التي أطلقناها قرب الفجرلم يسمعها أحدأصوات الكلاب في الخارجتشعرنا بمودة.نزحف لتتلامس عظامنا،ونحب بعضنا أكثريحكي كل منا عن طفولته السوداء،ونتبادل الضحك،ولا نملك ساعة حائطلنعرف متى تقوم الساعة.5أميأرجوكعندما تعرفين أنني دخلت بيتي الجديد،لا تبكِلأنني أريد أن أختزن عينيك للأيام القادمة.كوني هادئةوهزي رأسك ثلاث مرات،وارسلي قبلة هوائيةوسأصخب مع أصدقائي هناوهم يهنئونني ببيتي الجديد،وسأجعل الباب مواربا،في انتظار قبلتك.وعندما سيكون لك بيت جديد مثلي،أرجوك أن يكون قريبا منيحتى أسمع أنفاسك،وأتنفس بلا ألم تقريباويكون لموتي تلك الصورة النهائيةالتي جاهدت كثيرا كي أصنعها.6في الحجرة المجاورة لنا،والتي لا تفصلنا عنها سوى ستارة قماشتتمدد النساء وقد خلعن أكفانهن،وبقين بيضا جدا.استطعنا بعد محاولات يائسةأن نفتح خرما في الحاجز.وقد انتصبت عظامنا فجأةحين لمحنا أول امرأة تخلع ملابسهاوتضعها في ركن الحجرة.في هذه الليلة،حاولنا أن نمزق الستارة،لكنها كانت تزداد قوة،فاكتفينا بالفرجة على العظام البيضاء،والتي مازالت حتى الان بعيدة عنا.7باب الغرفة مفتوح.العائلة في الخارج نائمين تماما.خطوات عسكرية فوق رؤوسنا،سيهدمون بيوتنا لإقامة كوبري علوي.سنبكي من أصدقائنا،ونضع الكتب تحت المخدات،نبتسم لذكرياتنا التافهة،وللعاطفة التي تجف شيئا فشيئا.8أغلقوا المكان جيدا،وألقوا المفاتيح في جوف الحفار.لماذا تتركوننا على أطراف المدن؟يجب أن نكون معاعندما تسقط الأمطار،وأن نغني تحتها،ويمكننا أن نتحدث عن عرباتسارت بنا في طرق طويلة، وعادت بدوننا.لكن الدموع التي تجمعت فيهاكانت كافية لتبلل عظامناولم نجد ثقابا للتدفئة.وعندما تسلل واحد منا لسرقة الكبريتأضأنا المقبرة،وأضاءت نصف المقابر في العالم ثلاثة أيام،بعدها تقيأ الحفارومررنا في طابور منظمنغني جميعا عن البعوض الذيينام في آذاننا،وعن طولنا الذي أثار المراهقات،وعن الاستمناءات المتكررةفي برميل كبير يسمونه الحياة. شوارع الأبيض والأسود انطفأ النور في سماء القاهرة,رجل أعمى يصطدم في سور الكوبري المعدنيفتلطخه البوية الخضراء.البوية لا تظهر في الظلام,لكنه يستشعر رخاوتها على جلده,فيسقط في النيل.صدمتني سيارتان,إحداهما تسير في اتجاه معاكس,فانحشرت في الوسط,ولم تخرج الدماء من رأسي. أنا هنا تحت العربات,في منزل صغير يحوط أضلاعي.نملة تقفز فجأةوتقرصني في ذراعي الأيمن فأتأوه. خراطيم المياه تطفئ حريق السيارتين,الحريق رمادي داكن,الماء يصدمني ولا أحد يراني.أخرج من تحت العجلات ,مرتديا السموكن,ومتوجها لدار الأوبرا القديمة,سيارتي الرولزرويس تنقط عليها الأمطار,الموسيقى صاخبة هذه الليلة,وأنا أحتاج أن أرقص مع فتاة شاحبة.أقود السيارة في اتجاه كلوت بك,ثم أتركها وأركب عربة كاروعلى كوبري أبو العلامع مجموعة من النساء ذاهبات للقرافة,أنام على فخذ إحداهن,وأصحو مبللا.البوليس يطاردني في مظاهرات الطلبة,أجري لأختبئ تحت السيارتينوبلا دماء هذه المرة أيضا. السيارتان اختفتا في حفرة كبيرة,أقفز وراءهما,فأسقط في مأتم كبير,أسلم على كل الحاضرين وأضحك,رجل لا يحبني يربط يدي اليمنى بسلسلةيدفعها إلى الجميع واحدا فواحدا.نعش الميت طار مسرعا إلى القبر.بائع الكفن والممرضة وحارس المقبرةوعائلته, أبناء الميت والجيران,في صورة تذكارية على شرف الفقيدوأنا أمامهم في جلباب أبيضممسكا بالكاميرا.الرجل يترك السلسلة ليبكي,تسقط السيجارة من فمي على السجادفيحترق المأتم.أجري هاربا,وحاملا طفلا على ظهري,كان يبكي وحيدا,الطفل لا يكف عن البكاء,أضغط على جبهته فيكف,أضغط ثانية فيعاود البكاء,الطفل بعينينه اللامعتينوانفعال واحد مثبت على وجههخلال أربع ساعاتيسقط مني وأنا أجريفيشتعل بعد انفجار بسيط.أفي هذه المزارع أمر لأول مرةمخلفا ورائي جريمة قتل؟فمن سيحرق بصماتي,أو يغرق هذه الحقول بعدي؟الطفل الميت يحتل مساحة كبيرة من الأرض,عيناه الزرقاوانعلى بعد 30 مترا من نقطة الانفجار,وحذاؤه الأسود معلق في فرع شجرة,يده المعدنية تسيح ببطء.ولا تخرج الدماء من رأسهابعثوا بعلبة ألوان جديدةلنلون عينيه ولسانه وشفتيه,ونرفعه علما فوق الحقول.وإذ تبدو الليلة صافية,والقمر على وشك إضاءة كاملة,تمر قافلة من الإبل,أتعلق في مؤخرتهاوعلى مقهى بعيد لا أعرفه أجلس.عشرون ملعقة تدور في الأكوابفي وقت واحد,ولا أصوات أكثر من ذلك.تدخل امرأة مثبتتة نظرتها على عضوي مباشرةأبدأ في خلع ملابسي أمام الجميع,نئن سويا في ركن مكشوف من المقهىوتخرج المرأة ولا تظهر في الظلام ثانية. لابد أن انقطاع النور,وعدم التأكد من وجود الشمعفي حوزتنا دائما,والحرارة التي لا نعرف مصدرها,ونظارات أصدقائي غير المهمة,والطرق المقفلة على ساكنيهاوالنوافذ التي لم تعد ترى,كل هذه ساعد على تمرير الكلام فوق رؤوسناونحن نتحدث لساعاتحتى تجف حلوقناالكلام الذي يخرج دون أن ننتبه لمعناهالكلام القوي نتكلمه لساعاتحتى يفتح الباب فجأة,أو تصطدم سيارتان في الشارعأو تنز الحنفيةنقطة نقطةفننام على صوتها.