طقوس الجنس المقدس عند السومريين

نبذة النيل والفرات:انقضى نحو قرن منذ أن بدأت الأوساط العلمية تعرف شيئاً عن ديانة الخصب في بلاد ما بين النهرين القيمة، وعن بطليها الرئيسيين: "دموزي"، الملك-الراعي (الذي عرف في "العهد القديم" باسم تموز) والنموذج البارز ("الإله الميت"، وزوجته المحبة "ايناناً" (التي عرفت باسم "عشتار" عند الأقوام السامية). لكن حتى وقت قريب، لم يكن يتوفر من المعلومات الموثوقة والأصلية والمحددة والملموسة إلا القليل مما يهم عالم المسماريات، ولم يكد يتوفر في هذه المعلومات شيء على الإطلاق مما يهم العالم الانتروبولوجي والمؤرخ. أما الآن وبعد التعرف على مجموعة متنوعة من الأعمال الأدبية السومرية المنقوشة على عشرات من الرقم الشظايا الطينية الموزعة في المتاحف في جميع أنحاء العالم، وبعد نشر هذه الأعمال وضم أجزائها بعضها إلى بعض ثم ترجمتها.فقد أصبح بالإمكان وصف هذه الديانة وصفاً قريباً من الشمول يركن إليه ويقبله العقل، وخاصة فيما يتعلق منها بنواتها المركزية: طقس الجنس المقدس أو طقس الزواج المقدس كما اصطلح على تسميته. وإن هذا الكتاب ليمثل جهداً رائداً من حيث أنه يجمع ويترجم المادة السومرية التي يحتاج إليها المؤرخ وعالم الانتروبولوجيا وعالم الإنسانيات. يمثل الفصلان الأولين مدخلاً إذ ينصبان خشبة المسرح السومري لكي يفهم القارئ فهماً أفضل دور طقس الزواج المقدس في إطار من تاريخ سومر وثقافتها وآدابها. أما الفصل الثالث فيتناول نشأة الطقس وتطوره. دوافعه السيكولوجية وقاعه التاريخي وما طرأ عليه من تغيرات على مر القرون. وأما الفصل الرابع فيعرض ترجمة للأشعار السومرية ما عني منها بالمغازلة وخطب لود مما كان يجري بين الزوجين المقدسين، وكذلك بالأشعار التي تلقي ضوءاً على احتفال الزواج نفسه.وكما تكشف عنه جميع هذه النصوص، لقد كان الزواج المقدس حفلاً بهيجاً تصحبه أناشيد غزلية تبعث الجذل والنشوة، شبيهة بالأناشيد التي تضمنها سفر "نشيد الأناشيد" المنسوب إلى سليمان. وفي الفصل الخامس يأتي المؤلف على ذكر مضامين بضع عشرة قصيدة حب غنائية كان ينشدها السومريون مشيراً إلى ما يماثلها مما جاء في سفر "نشيد الأناشيد"، من حيث الأسلوب والموضوع ولازمة التكرار، وأحياناً من حيث طريقة التعبير. لكن برعم الحب وشبوب العاطفة انتهى زواج "دموزي" إلى نهاية مؤلمة، لقد كان مأساة ساخرة، على الأقل فيما يتعلق بـ "دموزي". أما الفصل السادس والأخير، فيقدم النصف الأول منه نص إحدى أعقد الأساطير السومرية وأكثرها خيالاً، يقوم نصها كاملاً ومصححاً، هذه الأسطورة هي "نزول اينانا إلى العالم الأسفل"، التي تنتهي بآلام "دموزي"، ثم موته وانبعاثه. وأما النصف الثاني من هذا الفصل فيعرض لمضامين عدة أساطير أخرى ذات علاقة بدموزي وموته الفاجع، وينتهي بإبانة محجلة عن إمكان عقد المقارنة بين أسطورة "دموزي" وسيرة المسيح كما روتها الأناجيل.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل