الإعلام والمؤسسة العسكرية

لفت النجاح المذهل الذي حققته قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الخليج الثانية عام 1991 انتباه العالم؛ فقد كان المشهد الذي عرضته أجهزة الإعلام يظهر أسلحة فائقة التقنية، يبدو أنه لا سبيل إلى صدها. أما الآن فقد ظهرت صورة مختلفة وأكثر إثارة للقلق؛ فهناك مزاعم عن معارك لم تتم تغطيتها على الإطلاق، ومزاعم أخرى تفيد أن نجاح أسلحة التقنية الفائقة التي لعبت دوراً رئيسياً في رسم الصورة الإعلامية للحرب قد تم تضخيمه إلى حد بعيد. كما توجد حالياً أدلة قوية على أن الإعلام قد تم التلاعب به بدرجة لم تعرف من قبل في أنظمة ديمقراطية ليبرالية غربية. لقد تم تهميش دور الإعلام ومُنع من المشاركة الفعالة في رصد ما يدور بالفعل في مسرح العمليات، وقد تحقق ذلك عن طريق نموذج للسيطرة تم إعداده جيداً بحيث يسمح للمؤسسة العسكرية والحكومة بكسب التأييد الجماهيري، والذي يتصف بأهمية كبرى خاصة في وقت الحرب.يحلل هذا الكتاب نمط العداء الراسخ والطويل المدى بين المؤسسة العسكرية والإعلام منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى أواخر القرن العشرين، ويصل إلى استنتاج مهم مفاده أن نظام المؤسسة العسكرية للتلاعب بالإعلام الذي نشأ في حرب الفوكلاند، وتم اختباره في حملة جرينادا، ثم صقل في حملة بنما، واستخدم على أكمل وجه في حرب الخليج الثانية، سوف يكون هو الأسلوب المتبع مستقبلاً ما لم يصر الجمهور على وجود إعلام فعال وقادر على مواجهة المؤسسة العسكرية بشكل مباشر.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل