سلسلة خزانة التراث #1: مختصر العين

لكل كتاب هدف وغاية أرادها مؤلفه، وفي مقدمة "مختصر العين" قدَّم الزبيدي بمقدمة بيّن فيها الداعي إلى اختصار كتاب العين قال: "هذا كتاب أمر بجمعه وتأليفه أمير المؤمنين، الحكم المستنصر بالله... ذهبتُ فيه إلى اختصار الكتاب المعروف بكتاب العين، المنسوب إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي بأن تؤخذ عيونه، ويلخص لفظه، ويحذف حشوة، وتسقط فضول الكلام المتكررة فيه، لتقْرُب بذلك فائدته، ويسهل حفظه".. ومن هذه السطور القليلة نتبين خطة الزبيدي التي اختطها لنفسه، وهو يختصر كتاب العين، ونستطيع أن نلخصها في نقطتين رئيسيتين: 1-اختيار العيون، وتلخيص التفسيرات، وحذف الفضول والتكرار، وهذا ما يلحظه المتأمل لأول وهلة، فصغر حجم المختصر بجانب الكتاب الأصلي خير شاهد على ذلك، وفي سبيل هذا تخلص الزبيدي من الشواهد الشعرية، التي كان يعجّ بها العين، كما تخلص من معظم الشواهد الأخرى، ولم يُبق إلا قليلاً من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة. 2-ليس الاختصار وحده هو ما يلقيه المطالع لهذا الكتاب، بل إن الزبيدي يقول: "ومذهبنا أن نصلح ما ألفيناه مختلاً في الكتاب وأن نوقع كل شيء منه مواقعه، ونضعه في بابه". وفي سبيل ذلك نجد الزبيدي لا يتردد في نقل مواد من أبوابها إلى أبواب أخرى، يرى أنها أليق بها وأجدر. وفي نظرة أكثر إيعاباً نقدم النقاط التالية لنقترب من خلالها أكثر من الكتاب:1-اتبع الزبيدي منهج الخليل في ترتيب الحروف بحسب ورودها في العين ولم يخرج عن هذا الترتيب. 2-وافقه في تقسيم المعجم إلى كتب تحمل مسميات الحروف، 3-جعل الأبواب داخل الحرف الواحد سبعة، 4-أدخل الزبيدي الرباعي المضاعف في الثنائي المضاعف. 5-كما يلحظ المتأمل في الكتاب أن الزبيدي دأب على تقديم ترجمة لكثير من الألفاظ التي نصّ الخليل على إهمالها، أو تلك التي لم تذكر أصلاً، بلغت هذه الألفاظ (240) لفظاً.ولأهمية الكتاب عني الدكتور "نور حامد الشاذلي" بتذييله بتحقيق لطيف هدفه توضيح ما أبهم من معانيه وما أشكل من ألفاظه، وبالرجوع إلى الخطوات التي اعتمدها المحقق في الكتاب نجد أنها تتجلى بـ: أولاً: كتابة النص كتابة حديثة روعي فيها الضبط التام بالشكل. ثانياً: تمييز عناوين الأبواب بمدار أسود. ثالثاً: كتابة الألفاظ المترجم لها عند رأس كل ترجمة. رابعاً: التنبيه على المعاني التي اجتلبها الزبيدي مما ليس في العين وذلك بالإشارة إليها في الهامش. خامساً: التنبيه على المواد المهملة في العين، والتي نصّ الزبيدي عليها في المختصر. سادساً: عمل فهرس جامع للمواد اللغوية الموجودة بالكتاب مرتبة على حروف المعجم، وآخر للمواد التي ذكرها الزبيدي وأهملها صاحب العين.