التاريخ وكيف يفسرونه من كنفوشيوس إلى توينبي

إن كل إنسان حين يقرأ عنوان هذا الكتاب يدور بخلده سؤال هو: ما هو التاريخ ومن أولئك الذين يفسرونه؟ ولماذا يتعبون أنفسهم بتفسيره؟ ولكن المؤلف أجاب عن تلك الأسئلة جميعا بما يريح القارئ ويجيب له عنها ومن كل سؤال يخطر بباله، فانه أخذ منذ البداية باستعراض الشعوب التي لها وزن في تاريخ البشرية، الشعوب التي تركت في هذا الكون أثراً مخلداً بالإضافات التي أضافتها إلى التراث العقلي أو الفكري أو الفني أو الحضاري أو الثقافي، فاستعرضت جميعا شعباً شعباً، وتوسع في شرح فلسفاتها التماساً لالتقاط اتجاه تلك الفلسفات مدار بحث الكتاب، وهو التاريخ، فهو يتناول الأمة من هؤلاء بالتنقيب في طوايا فكرها، ومدى ارتباط ذلك الفكر بالدنيا والحياة، ثم اتصاله بمسيرة الإنسان في الأرض وجهوده المتصلة لرفع شأنه اقتصادياً وعلمي وفكريا، ومدى ارتباط ماضي الأمم بحاضرها، وحاضرها بمستقبلها وذلك هو التاريخ بأدق معاني الكلمة، وقد فعل ذلك مع الصين والهند واليابان، والإغريق والرومان، ثم نظر في الديانات التأليهية، شارحاً بعض آرائها موضحاً ارتباط تلك إلى راء بالتاريخ، ثم انتقل إلى فلسفات التاريخ منذ العصور إلى يومنا هذا فأوضح آرائها ومناهجها لمحاولة لوضع تفسير عقلاني للأحداث التاريخية، وألمّ بكتب التاريخ العام التي يعد كتاب "ويلز" معالم تاريخ الإنسانية" من أبرز ما ظهر فيها، فأوضح شرعتها ومزاياها وعيوبها وعكف طويلا على دراسة ويلز وآراءه، وتوسع بعد ذلك في شرح المدرسة الألمانية والفرنسية في فلسفة التاريخ حتى انتهى به المطاف إلى توينبي ومدرسته فأوضح أن نظريته في دورية الحضارة وإيقاعياتها كما تتجلى في كتابيه دراسة التاريخ مختصرة، إنما هي عمل عظيم عميق في تطور الحضارات، وهي تنم عن تضلع علمي وألمعية في معالجة المسائل التاريخية قديمها وحديثها، ولمعظم قدر توينبي ونظريه التي تعد احدث النظريات في فلسلفة التاريخ أفرد له المؤلف باباً مستقلاً. وبهذا يعتبر هذا الكتاب الذي نقلب صفحاته تاريخ للتاريخ، وشرح لموقف الإنسان منه منذ أقدم العصور.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل