غابة أصابع

العلاقة بين الشاعر وموضوعه، هي في انتقال الموضوع من الواقع الخارجي إلى الكلمة أو الأثر الأدبي، مروراً بذات الشاعر، وهو بالضبط ما أرادت آية منصور/ الشاعرة التعبير عنه في "غابة أصابع"، فتحول الواقع الخارجي إلى أثر إبداعي دونه مخاضات عسيرة يعيشها الشاعر واعتمالات كثيرة تعانيها الذات المبدعة وخاصة عندما يكون الحديث عن بلد الشاعر؛ فمن ركام الحاضر وضجيجه وفوضاه في العراق، موطن الشعر، يتسلل صوت آية منصور بهدوء. يسافر عبر "ثقوب الذاكرة" في مغامرة أولى تثير الدهشة والإعجاب وتعد بالمزيد.قدم للمجموعة الدكتور أحمد الظفيري مستخدماً مصطلح "التبشير" ليكون بديلاً عن المقدمة، ويبرر ذلك بقوله: لأنني هنا سأقوم مقام المبشر باسم جديد يضاف إلى السلسلة الذهبية لأسماء الشعراء في العراق، ولا سيما النسوية منها، فالصوت النسوي العراقي كان أكثر خفوتاً على مر العصور، وهذا لا يعني عدم وجود شعر نسوي، لكن المساحة الإعلامية والثقافية غالباً ما تقتحم من قبل الرجال...آية تحفر بذاكرتها القصيرة زمناً والكبيرة أحداثاً لتعيد رسم الماضي بكلمات أجمل:عباءة جارتي/ قبر/ تلملمه عظاماً لذاكرتها،/ وجسدها ساق نخلة/ في جذر اليأس/ مغروس".الجمال هنا ليس الجمال الحقيقي، إنه جمال التعبير إنه "التقديم لشيء غير جميل بصورة جميلة"، وهذا ما على القارئ أن يبحث عنه...تحت عنوان "ما وراء الحياة" تقول الشاعرة آية منصور:"وطني/ حفّارُ قبرٍ/ لأبنائه يبتاعُ، أكفاناً./ ويقومُ بتوزيعها/ لتراب ذكراهم./ حتى تلك السنونَ/ الموحلةُ بالدمعِ/ تُلطخُ ابتساماتنا/ وهي تتزاحُم/ في التوابيتِ/ الأخيرة".بهذه الشاعرية الأنثوية المرهفة تعزف آية منصور على أوتار الشعر قلقها، فتمزج المعاني في نسيج إيقاعي شفاف يصدر عن حلم ثخين يمزج بين اللوعة والألم، مشكّلة صورة حية لما يجري في الوطن وما يعانيه أهله.تضم المجموعة ما يزيد عن ستون قصيدة في الشعر العربي الحديث جاءت تحت العناوين الآتية: "تأنيب ضمير افتراضي"، "وظائف للأرض"، "اضطراب"، "إشارات"، "سطور متعرجة"، "أوهام يقظة"، "جدار"، "رسالة من الأموات"، "مرآة ضريرة"، "صوت حليق" (...)، وقصائد أخرى.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل