حصانة المحامي ؛ دراسة قانونية مقارنة

تناولت هذه الدراسة موضوعاً وثيق الصلة بحقوق الإنسان، وبشكل خاص الحق في عدالة المحاكمة، وهو: حصانة المحامي. وحصانة المحامين هي امتياز قنّنه المشرّع لمهنة المحاماة، لحماية المحامين من التبعات القانونية والملاحقة القضائية عن الأفعال والأقوال والكتابات التي تقع منهم أثناء قيامهم بواجباتهم المهنية، أو بسببها. وقد هدفت هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على حق المحامي في الحصانة التي تدرء عن شخصه مخاطر مهنته، وتمكّنه من دفع الظلم عن نفسه، وصون أسرار موكليه، وإحالة قضايا تأديبه إلى نقابته ليكون لها وحدها الحق في محاكمته، وبالتالي ضمان عدم تعسف الهيئات القضائية أو التنفيذية في استعمال سلطتها بصورة تعرّضه للمعاملة المهينة أو العقوبات الجائرة. وتناولت الدراسة تحليل المعايير الدولية الخاصة بعدالة المحاكمة وحصانة المحامي، وكذا دراسة قانون نقابة المحامين النظاميين رقم 11 لسنة 1972 وتعديلاته، وغيرها من النصوص التشريعية الوطنية الإجرائية ذات العلاقة بالمفهوم ذاته، في إطار دراسة قانونية مقارنة، وضمن رؤية تحفظ للمحامي حريته وكرامته وقدرته على أداء مهنته على أكمل وجه. قسَّمت الدراسة مادتها إلى ثلاثة فصول؛ تناولت في الفصل التمهيدي منها خطة البحث، وفي الفصل الأول التطور التاريخي لمهنة المحاماة وحق الدفاع، ومبادئ المحاكمة العادلة وحصانة المحامي وفق المعايير الدولية المعاصرة، وفي الفصل الثاني القواعد الناظمة لحصانة المحامي في المحاكمات وخارجها وفق الفقه المقارن، وفي الفصل الثالث الطريقة والإجراءات، ونتائج تحليل الاستبانة (الدراسة الكمية)، ثم النتائج والتوصيات وثبت المراجع. وخلُصت هذه الدراسة إلى أن التشريعات الأردنية ذات العلاقة بمحاكمة المحامي تضمنت نصوصاً مجحفة تحرمه من حقه في محاكمة عادلة؛ ومن ذلك قانون انتهاك حرمة المحاكم رقم 9 لسنة 1959، والمادة (145) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961، والمادة (74) من قانون أصول المحاكمات المدنية رقم 24 لسنة 1988 وتعديلاته، ومنها كذلك التشريعات ذات العلاقة بزيارة النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل، والمثول لدى المحاكم الخاصة. وتوصلت الدراسة إلى أن نص المادة (40) من قانون نقابة المحامين النظاميين، الذي ينظم أغلب ضمانات حصانة المحامين، يشوبه قصور تشريعي. وضمن المنهج الوصفي، استعانت الدراسة بأداة الاستبانة التي تم تطويرها بعد تحكيمها، لمعرفة تقدير حصانة المحامي لدى السلطتين القضائية والتنفيذية، وتكونت عينة الدراسة من 214 محامياً، واختيرت العينة بطريقة عشوائية، كما روعي في اختيارها تمثيل مختلف محاكم محافظات المملكة؛ وقد تطابقت نتائج الدراسة الكمية مع نتائج الدراسة النوعية (المتعلقة بالمنهجين: التحليلي والمقارن). وأوصت الدراسة بمراجعة التشريعات الوطنية مراجعة شاملة والتأكد من انسجامها ومواءمتها للمعايير الدولية المتعلقة بحصانة المحامي، ومن ذلك استثناء المحامين من تطبيق المواد التي تنتهك حصانتهم، واقترحت تعديلات تشريعية محددة لنصوص قانونية، على أن ترفعها إلى لجنة الحريات في نقابة المحامين لدراستها، ثم رفعها إلى مجلس النقابة الموقر. وأوصت الدراسة بتوعية وتثقيف كافة العاملين في سلك القضاء بأن للاتفاقيات الدولية قوة القانون الوطني بعد المصادقة عليها، وأهمية إدماجها في القانون الوطني والحكم بمقتضاها. وأوصت الدراسة كذلك بإنشاء قاعدة بيانات في نقابة المحامين تشمل كل الانتهاكات المرتكبة ضد المحامين، وتصنيفها وماهية الإجراءات المتخذة من قبل النقابة لمعالجتها. ودعت إلى السماح للدارسين والمهتمين في مجالات حقوق الإنسان بالاطلاع على الإحصائيات والأحكام التي تصدرها المحاكم، حتى يمكن إجراء أية دراسة أو استبانة أو مسوحات مبنية على أسس علمية ومدروسة.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل