كطير ما

إن لعبة اللون لدى عبدالله عبيد في مجموعته الشعرية الأولى »كطير ما« تشق عصا الطاعة وتضرب حتى عمق القلب وتتمدد شرايينها بحرية وهي تشرعن لنفسها إحكام الطوق على المتلقي من حيث لا يدري وهو بجمله الفنية الملونة لا يمسك الجزرة على الاطلاق من وسطها ولا من نهايتها.إنه يتلاعب بها كالساحر- ولا أبالغ- ودافعه الخالص هو لون عنترة ورمال عنترة وبكاء عنترة الداخلي بطريقة تقارب المشاعر التي يكونها جسدا أو كتلة ملموسة على أرض نعيمه الذي أسميه »ألم اللون« الذي يمجده وبنفس الوقت لا يعبث به أو يرميه إلا بضاعة من ياقوت مبهر حرك عبدالله عبيد الأسود بتقانة الإحساس وبالمونولوج الداخلي أو أن اللون الاسود هو الذي حركه بطريقة مضادة ولكن واقفا تحت ظل العناية الإلهية مستبشرا به أو متنافسا معه لصناعة كوكب دري أسود يتماهى فيه ويخلق من حنينه الكلمة الطاغية في الرهافة والجمل التي لا تتعثر في مكونات الصوت والصدى وبرقا ليس خَلبَاً ولكنه مثير للبصر هذا اللون الذي لعب بي كثيرا وراء أجنحة طيره أو كطيره، ولكنه أمضَّني تارة وأثارني مرات وأتعبني بمتابعته الفذة مرارا.كيف ينفذ لونه في ثنايا القصيدة كطيف أبيض يوشك على أن يعانقك بكرامة الصحراء والماء دفعة واحدة، وكيف يتسلل إلى بصرك كلمع نافذ ويوقظك حينا على شباك تتساقط من خلاله نجوم سوداء تلاحقها.. ثم تختفي لتستقر شاعرا بأنها استقرت في قصي أحاسيسك.لون لم نألفه بهذا التكثيف وهذا التحول وهذه المتعة البصرية من قبل، في سلة هذه القصائد ورد أسود مأخوذ من عالم جديد له رائحة مجيدة وحضور محير.. إنه احتفالية »اللون الأسود« في بذخ قصائد المجموعة.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل