الفتح الكبير - الجزء الأول

إن الاهتمام بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يورث عند المرء نوراً خاصاً وطمأنينة عند الاستدلال. وقد جمع علماء الحديث المصنفات الكثيرة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فحظي بالشهرة الكبيرة طائفة منها، وهي الكتب التسعة (صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، والموطأ، والدارمي، ومسند الإمام أحمد) بيد أنها لم تحو الصحيح كله، كما صرح بذلك مصنفوها، كما أنها لم تحو الحديث النبوي كله، علاوة على أنها صُنِّفت ورُتِّبت على الكتب، والأبواب والمسانيد، وكثيراً ما يرد الحديث في غير بابه، أو تتعدد روايته على أكثر من راوٍ بألفاظ مختلفة، وهذا مما يصعب الأمر على غير الحافظ لاستخراج الحديث، وذلك لأن الاطلاع على كتب السنة أصبح أقلّ من ذي قبل، والحفظ أضعف. من هنا اتجه جهد العلماء إلى تناول المؤلفات الأصلية للحديث لتأليف ما يذلل الوصول إليها والانتفاع بها. فكان الإمام السيوطي المتوفي سنة (911هـ) رائد هذا الباب في كتبه الثلاثة التي جمعها: "الجامع الكبير"، و"الجامع الصغير"، و"زيادة الجامع الصغير". فحوت أحاديث من الكتب التسعة وغيرها، موسعاً بذلك دائرة الاطلاع، وحافظاً للمسلمين من بعده في كتبه هذه أحاديث كثيرة نَدَرَت أصولها المخطوطة، فقد بعضها، متبعاً في كتبه تلك أسلوباً ميسراً في استخراج الحديث المبني على حروف المعجم. ولقد رأى الشيخ يوسف النبهاني أنه من اأهمية بمكان جمع الكتابين: "الجامع الصغير" و"زيادة الجامع" في كتاب واحد، لأن زيادة الجامع يجب أن تكون متصلة به، ولا معنى لكونها زيادة له إذا كانت عنه منفصلة، وفي جمعها تسهيل السبيل، ومراجعة الحديث اللازم مراجعته فيهما، وتم له ذلك في كتابه هذا "الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير"، الذي جمع فيه الجامع الصغير وزيادته، ومزج فيه مزج المؤلف الواحد، مميزاً الزيادة بحرف (ز) في أوائلها، ولولا ذلك لما عرف الأصل من الزيادة

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل