العباب الزاخر واللباب الفاخر

صاحب هذا الكتاب هو الشيخ الإمام العلامة حجة العرب، لسان أهل الأدب، فخر الحفّاظ عمدة المحدثين، رضي الدين أبو الفضائل الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي بن إسماعيل القرشي العدوي العمري الصفاني. وصفانيان كورة عظيمة بما وراء النهر.ولد الإمام الصفاني بلوهور سنة 577هــ، أما وفاته فقد ذكر أكثر المترجمين أنه توفي 650هـ، كان الصفاني، منذ نعومة أظفاره منهوماً بطلب العلم، وبعد تبحره فيها صار يعلم ويدرّس واشتهر بين الناس بفضله في العلوم لا سيما اللغة، وفي حسن حظ المرء أن يبقي بعده آثاره لكي يطالعها الناس فيعلموا مقامه في العلم، والصفاني كان حريصاً على أن يودع الأوراق ما منحه الله تعالى من نور العلم في أصناف مختلفة؛ لكن أكبر همه كان باللغة، فكان له الحظ الوافر في التأليف حتى بلغ عدد مؤلفاته زهاء خمسين مؤلفاً في اللغة والحديث والفقه وعلوم القرآن الكريم وللتراجم وغيرها من العلوم.ويعدّ مؤلفة "العباب الزاخر واللباب الفاخر" من أهم مؤلفاته وأسماها، ألف الصفاني هذا الكتاب بإسم الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي كما ذكره في المقدمة، والعباب اكبر تصانيف الصفاني وقد أثنى عليه العلماء وقدروه تقديراً عظيماً، والحق أن هذا الكتاب هو أعظم معجم في اللغة العربية ألف حتى اليوم، لا تجاريه معاجم أخرى، بل لا تقاربه ولا تشق غباره؛ فإنه جاء بما لم يجيء به السابقون ولا يساويه معجم، في كثرة مادته وغزارة ألفاظه، لأن العباب حوى جميع ما في مجمّع البحرين ثم زاد فيه مواد وتراكيب وأسماء الشعراء والمحدثين والصحابة وكثيراً من الشواهد التي لا توجد في مجمع البحرين ولا في معاجم أخرى.وقد ذكر الصفاني في مقدمة العباب أسماء المؤلفين الذي استفاد من كتبهم، ثم ذكر الكتب التي استفاد منها، ولكن لم يذكر أسماء جميعها بل قال: "والكتاب المصنفة في أسامي الخيل، والكتب المصنفة في المذكر والمؤنث وفي المقصور والممدود وفي أسامي الأسد، وفي الأضداد، وفي أسامي الجبال، والمواضع والبقاع والأصقاع، ودارات العرب، والكتب المؤلفة في البنات والأشجار فهو يوميء في هذه العبارة أنه استفاد كل الإستفادة، ونعلم من هذه الكتب أن عنده كانت ذخائر من الكتب الجيدة والنادرة لم تكن عند غيره.وقد تصفح لتأليف كتابه العباب دواوين الشعراء وغيرها من الكتب التي يبلغ عددها آلافاً كما ذكره في مقدمة العباب ولا يستطيع مراجعتها إلا من أحاط علمه بمحتوياتها إحاطة تامة، هذا وإن الفرق بين الصفاني وبين أصحاب المعاجم الذين كانوا قبله أن أكثرهم أخذ اللغة عن العرب العرباء وأهل البادية القحّ، بينما أخذها الصفاني من الكتب المؤلفة قبله، وإن كان يختلف إلى أهل البوادي من حين إلى حين مدة إقامته في مكة، لكن هذا القدر لا يكفي لأخذ اللغة.ومن جهة أخرى، نرى الصفاني صاحب ذهن وقاد وذاكرة قوية وبصيرة ثاقبة وعلمٍ حاوٍ لفنون وآداب شتى وهذه الأمور كلّما تجتمع في رجل واحد، وقد كان يدرّس كتب اللغة ولا سيما الصحاح ودرّس جميع كتبه التي ألّفها في اللغة وهذا مما اكتسب به خبرة في هذا الفن.وللعباب ميزات يمكن تلخيصها كما يلي: 1-يذكر المواد في مواضعها وقد ذكرها أصحاب المعاجم في غير مواضعها، 2-ينسب الشعر إلى قائله، 3-يصحح الروايات الشعرية، 4-أن كثيراً من الكلمات جاء بها في مجمع البحرين بالشكل فقط ولكن بالعباب ضبطها بالحروف، 5-يزيد كثيراً من المواد فترى كثيراً من المعاني لم يذكرها غيره، 6-يصحح أسماء الشعراء ويضبطها بالصحة، 7-يصحح أسماء الصحابة والتابعين والمحدثين، 8-يذكر أسماء الخيل وأسماء أصحابها وأسماء السيوف وأصحابها، 9-ويذكر البلدان ويضبطها بالصحة، 10-يصحح أخطاء من سبقه من علماء اللغة، 11-يكثر من الشواهد فنجد في العباب شواهد لا توجد في غيره من القواميس.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل