ترويض الحكاية؛ بصدد قراءة التراث السردي

تتحدد قراءة التراث السردي باعتبارها اشتغالاً على سياق غائب، يمثل اختيارات لغوية، واشتراطات جمالية، وتقاليد نوعية، تنتمي كلها لزمن ماض. ولما أنها كذلك فقد بات الاقتراب من النسق الناظم لتشكلاتها الصنفية، وقيمها البلاغية، وافقها الثقافي، مهمة تقع في نقطة تقاطع النقد بالتاريخ، وأضحى السعي لاستيعاب فضاءات تكونها، توقاً إلى الكشف عن لحظة غير حسية، تلتبس فيها الحكاية بالذاكرة.وفي هذا المستوى فإن فعل القراءة سينصرف إلى المثول باعتباره سؤالاً قلقاً للمعنى السردي، وتشوفاً إلى استكناه مبناه الزمني الحاضن، بقدر ما سيتجلى كسعي إلى تبين أصل المتن الحكائي، واستيضاح مراجعه الثقافية المضمرة، واستخلاص نسقه الذهني الناظم لتنويعات "الرسائل" و"المقامات" و"التراجم" والسير" و"الأخبار" و"النوادر" و"الأفاكيه" و"طبقات الرجال"... والمحصلة أن تلقي هذا التجلي المتغاير لقيم التأليف القولي القديم، سيتحدد كاشتغال بكنه الرسالة الثاوية في صيغ التمثيل السردي، وألوان التخييل الحكائي، وأنماط التأليف والتشكيل النثريين، وطموح إلى ترويض إلغازه وتنسيبه لأسئلة الحاضر.وبما أن ماهية التراث السردي قد تبدو منذ الوهلة الأولى افتراضاً ذهنياً غير ثابت في الزمن، ولا متعين للنظر المعاصر، إلا عبر نصوص صامتة، ومقولات تجريدية، تنحو باستمرار إلى اكتساب صفتي المراوغة والالتباس، صار من اليسير أن تتحول إلى قطب للنزاع، وأن تولد شتى صيغ التأويل، والخطابات السجالية، التي لا تعوز أغلبها وسيلة الظهور المقنع.ويجدر الإشارة الى أن هذا الكتاب قد حاز على جائزة المغرب للكتاب - المغرب لعام 2008.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل