أسرار المرأة

من عادتي دوماً عندما أخطط لمشروع كتاب أن أحدد أهدافي الخاصة ككاتبة والأهداف الأخرى الخاصة بالقارئ كي يحصد ثمارها فيما بعد، وكتابي الجديد "أسرار المرأة" نقلة نوعية في نهجي الثقافي، فقد خلطت السرد القصصي بالمقالي كي أضع القارئ في منطقة وسط بين أرض الواقع وفضاء الخيال، وأبعده عن الرتابة والملل، وأستطيع في نفس الوقت أن أطعم الأفكار البناءة بنكهة عاطفية جاذبة، تشد القارئ لتتبع الكتاب بسلاسة وتلقائية ليستفيد وهو في حالة من الاسترخاء والمتعة، ولأخلق جواً حميماً مع الكتاب كي يتفاعل معه ويتأثر به بأنسيابية مطلقة.ولماذا أسرار المرأة؟ هل للمرأة خفايا وغموض تحتاج منا إلى إضافة؟! الأمر ليس بهذه الحدية، إنما القصد هو التعبير عن خباياها الداخلية وخلجاتها الباطنية بصدق وإتقان، فالحس الأنثوي الخافت خلف الأبواب المغلقة ولحظات الإخفاق والاضطراب تحتاج إلى بوح، وهذا البوح لا يفهمه إلا امرأة مثلها، ولهذا كتبت وعلى امتداد تجربتي الثقافية كل خصائص المرأة ودقائقها الصغيرة، واحترفت هذا المجال عن قصد وتخطيط رغم النقد الكبير الموجه لي من قبل النقاد والكتاب والأدباء، على اعتباري متخصصة في الأدب النسائي، فليس هناك -حسب رؤيتهم- أدب نسائي وآخر رجالين والإشكالية الأزلية التي مازالت تطرح على مائدة البحث، وهي أن الأدب لا يصنف وفقاً لنوعية الجنس وإنما لاعتبارات أخرى ولم يثن عزمي كل هذه الانتقادات، بل واصلت التجربة عن إيمان وقناعة، إن للمرأة خصوصية ومزاجاً تكوينياً تشريحياً مختلفاً تماماً عن الرجل، ويدعم موقفي الأبحاث العلمية الجديدة في هذا الصدد، فقد جاءت من الغرب الذي نادى بالمساواة لحقبة طويلة من الزمن، إذ تبين أن هناك عالماً شائكاً من المفارقات العقلية والنفسية بين الرجل والمرأة تخلق دوماً بينهما صداماً عفوياً طالماً لم يفهمها هذه الاختلافات وآخرها كتاب "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة" للدكتور "جون جراي" والذي كان له الصدى العالمي في السنوات الأخيرة.وأظن أن التصنيف الجنسي بهذا الشكل هو من وحي الطبيعة القائمة على انسجام السالب والموجب، وانجذاب النقائض لتتم عملية التناغم والاندماج، ومهما كان الرجل ذكياً وحاذقاً وحكيماً يبقى غريبأً عن دائرة المرأة، لا يستطيع أن يفهم هذا النسيج الرقيق الذي يغلف كيانها، سيتعثر إن حاول اختراق عالمها الخصب المشاعر والانفعالات عن جهالة فأمامه أسوار عالية من الغموض والدهشة، وسيتوه في مجاهيل روحها الضبابية، لهذا كانت المرأة أكثر فهماً واستيعاباً للمرأة مثلها.وتحدثت عن قضايا تخص المرأة، أظنها من مخلفات العولمة ورواسبها السلبية وهذا التيار يعمل الآن وعبر مخطط عالمي مقصود على تكوين امرأة حسية ذات طابع جسدي مثير تخدم شركات الإعلان وتشبع نهم الاقتصاديين إلى المزيد من الأرباح، وهو طرح عالمي يسوقه الإعلام كل يوم عبر الفضائيات من خلال عروض الأزياء وعمليات التجميل والفياغرا، مفاهيم متشابعة كلها تصب في خانة الغرزية الجنسية لتنسحب القيم الروحية والنفسية من تكوين المرأة الداخلي وتنسف من قاموس علاقاتها بالرجل، فالعاطفة، الحنان، العفاف، الطهر، الإيمان، جماليات عالقة بالروح تظل مشعة في شخصية المرأة حتى الوهن والكبر.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل