قصة الفتنة

ان الصحابة ليسوا معصومون من الخطأ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ"[1]. ولكن مكانة الصحابة تقتضي ألاّ يتجاوز أحد من المسلمين في حقهم، وإلا كان ذلك علامة على نقص الدين في نفسه؛ ولذا قال الإمام مالك رحمه الله واصفًا حال مبغضي الصحابة، ومبينًا معتقدهم: "إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك؛ فقدحوا في أصحابه حتى يقال: رجل سوء، ولو كان رجلاً صالحًا لكان أصحابه صالحين، وذلك أنه ما كان منهم رجل إلا ينصر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويذبُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله، ويعينه على إظهار دين الله، وإعلاء كلمته، وتبليغ رسالاته وقت الحاجة، وهو حينئذٍ لم يستقر أمره ولم تنتشر دعوته، ومعلوم أن رجلاً لو عمل به بعض الناس نحو هذا، ثم آذاه أحد لغضب له صاحبه، وعدَّ ذلك أذى له (أي للرسول صلى الله عليه وسلم)"[2]. من هنا صارت دراسة فترة الفتنة الكبرى -التي بدأت بعد ست سنوات من حكم ذي النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه، واستمرت فترة حكم أمير المؤمنين علي رضى الله عنه- بشكل محايد منصف واجبة؛ لكي نذبَّ الأذى عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تمالأ عليهم المنافقون وأصحاب الأهواء ليطعنوا فيهم مستغلين ما وقع من أحداث، فتظاهروا بالدفاع عن طرف، والهجوم على طرف آخر؛ ليتوصلوا إلى غرضهم الخبيث بالإساءة للطرفين، ومن ورائهم رسولهم ونبيهم الذي جاءهم بالحق من عند الله عز وجل.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل