مكتوب على الجبين؛ حكايات على هامش السيرة الذاتية

يقول المؤلف عن هذا الكتاب الممتع: إننا نقضي حياتنا ونكتب الكتب دون أن نقول إلا جزءًا صغيرًا من الحقيقة، وهذا أحد الدوافع التي تدفعني إلى كتابة هذه الحكايات. من عاش مثلي ثمانين عامًا، لا بد أن يكون قد تعرَّف في حياته على عدد كبير من الناس، رجال ونساء، أغنياء وفقراء، من المتعلمين وغير المتعلمين، مصريين وأجانب، إلخ، وعندما أستعيد في ذهني ما رسخ لديَّ من انطباعات عن هذا الشخص أو ذاك، فيمن تعرفت عليهم على مرِّ السنين، يعتريني العجب... وجدت معظم هؤلاء (بل أكاد أقول كلهم) من الألغاز المستعصية على الفهم. لقد أحببت كثيرين منهم حبًّا جمًّا، واعتراني نفور شديد من كثيرين غيرهم، ولكنني وجدتهم جميعًا، سواء مَن أحببت منهم أو كرهت، «ألغازًا بشرية»، لا أستطيع أن أفهم كيف اجتمعت في الواحد منهم هذه الصفات المتعارضة، أو كيف يستقيم تصرفه على نحو معين مع شخص ما، مع تصرف مضاد له تمامًا مع شخص آخر، أو حتى مع نفس الشخص في وقت آخر. بل إني لاحظت أنني حتى مع الأشخاص الذين ظللت مدة طويلة أعتبرهم واضحين تمامًا لي، ومُتَّسقين تمامًا مع أنفسهم، أفاجأ بعد هذا بتصرفات منهم غير مفهومة، فيتحولون في نظري فجأة إلى ألغاز، وكأني لم أعرفهم قط على حقيقتهم. حاولت أن أجمع في هذا الكتاب أمثلة قليلة من كثير مما صادفته في حياتي من ألغاز بشرية. كتابة هذه الحكايات ليس بدءًا في عمل جديد، بل هي بمثابة لملمة وتنظيم لأشيائي القديمة. يهمني الآن ألا أترك ورائي شيئًا مهمًّا، ولكن حتى إذا فعلت، فإني أظن أن في هذا الذي جمعته ما يكفي وزيادة.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل