السلطة والتسلط في الفتوى

الكتاب من تقديم أنور، إم، إمون.بوفاة النبى محمد ﷺ وجدت جماعة المسلمين نفسها فى مواجهة التحدى الأول لهويتها الذاتية، فقد استطاع هذا الرجل بمفرده أن يصوغ على مدى عدة سنوات شكل الجماعة الإسلامية الناشئة، من خلال منزلته الرفيعة باعتباره رسول الله. كانت صلته بالمشيئة الإلهية هى كل ما تحتاجه الجماعة لكى تفهم ذاتها، ودورها فى المجتمع، والغرض من وجودها، ذلك أن المرجع والتكوين واستمرار المعرفة ـ أى المرجعية فى كلمة واحدة ـ كانت كلها أمرا فى غاية البساطة؛ لأن النبى كان يمثل الصلة المباشرة بالمقصد الإلهى. لكن حين انتقل النبى إلى جوار ربه لم تصب الولاءات السياسيةفحسب، وإنما انقطعت رابطة الوحى الصادر عن المشيئة الإلهية، وبالنسبة لمجتمع اعتمدت هويته الذاتية ـ ولا تزال تعتمد ـ على تحقيق المشيئة الإلهية، فقد أصبحت المعضلة هى أن صلته المباشرة بالسماء قد انقطعت، كيف يتسنى للمسلمين فهم القصد الإلهى والمشيئة الربانية بدون رسولهم؟ولأول مرة أصبح المسلمون وحدهم.. منفردين بأنفسهم.إن حاجة المسلمين إلى معرفة المشيئة الإلهية ـ بمعنى الحاجة إلى معرفة أنفسهم ـ ما تزال قائمة، لقد أدى شعو،رهم بالوحدة بعد وفاة الرسول ﷺ إلى افتقاد الإحساس بالطمأنينة، الأمر الذى أتاح الانتقال إلى ما سوف يصبح واحدًا من كثر أنواع الخطاب تعقيدا وإجهادا وإثارة للخلاف فى التاريخ الإسلامى. هكذا بدأ علم الشريعة.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل