الإتحاد الأوروبي كظاهرة إقليمية متميزة

لقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين تجارب متنوعة هدفها تحقيق التكامل والاندماج الإقليمي في مناطق متنوعة من العالم، ولكن التجربة الأوروبية هي وحدها التي استطاعت أن تفرض نفسها، وأن تحتل موقعا فريدا ومتميزا بين جميع هذه التجارب. ويرجع هذا التميز إلى عدة أسباب، من أهمها: حجم الإنجازات التي حققتها التجربة الأوروبية، وكذلك خصوصية المنهج المستخدم في بناء العملية التكاملية ذاتها. ويكاد يجمع معظم الباحثين والمتخصصين، إن لم يكن جميعهم، على أن تجربة التكامل والوحدة في أوروبا تعتبر أهم وأنجح تجارب التكامل الإقليمي على الإطلاق، وأغناها بالدروس المستفادة. وذلك لأن هذه التجربة قد أكدت وبالدليل الواضح المستمد من الممارسة العملية، على أن نقل نمط العلاقة بين مجموعة من الدول المتجاورة إقليميا وغير المتجانسة ثقافيا، من حالة التشتت والصراع إلى حالة التعاون والتكامل وصولا إلى الوحدة، هو أمر ممكن، بشرط توافر ظروف وعوامل دولية وإقليمية ومحلية خاصة. وبخاصة بعد أن استطاعت هذه التجربة أن تبتكر من الأدوات والتقنيات والآليات ما مكنها من مواجهة عوامل وظروف التنافر وعدم التجانس، والتي كانت قد أفشلت الكثير من محاولات التكامل والاندماج الإقليمي في العديد من مناطق العالم، سواء من سبقت التجربة الأوروبية أو جاءت بعدها.

الصفحة الرئيسية

التسجيل


اعادة ارسال التفعيل